السبيل لتسلق جبل أولمب
1077 مشاهدة
الآن، وقد انجلى الغبار، وخف الضجيج، وعاد « الحجيج » من طوكيو الأولمبياد، تعالوا نتدبر في الخلق وحياته في دنيا رياضتنا المغربية، نتدبر في الشُخوص، وفي التدابير، والنتائج، تعالوا، فلن تتعبوا كثيرا، ولن يتطلب التدبر منا وقتا كبيرا؛
الحصيلة كانت ذهبية وحيدة، نِلناها بجُهدٍ شخصي خاص للبطل البقالي، لا فضل لأحد عليه فيه، وهي رغم أهميتها لا ينبغي أن تكون عنواناً لمشاركتنا في الأولمبياد، ولا ستاراً يخفي الفشل القاسي، والهوان بين خلق الله من الأناسي؛
لقد أُقْصيَ أغلب المشاركين المغاربة، في الدور الأول من المنافسات، ومن تجاوز هذا الدور منهم، سقط في الثاني، فما أن بدأ الأولمبياد بالنسبة لنا ولهم حتى انتهى؛ كل ذلك يُحيلنا على الأسئلة التالية:
كيف تشتغل جامعاتنا الرياضية؟ وهل تشتغل أصلا؟ ماذا تفعل هذه الجامعات بين دورتي الأولمبياد؟ طوال أربع سنوات؟ بل ماذا تفعل على مدى عشرات السنين، ماذا قدمت الوجوه الخالدة او شبه الخالدة على رؤوس الجامعات الرياضية؟ غير أنها حولتها إلى هيئات ترفيهية ونقطة انطلاق ذاتية في سفريات مكوكية؟
إننا بعد هذا الإخفاق لابد أن نتساءل: ماذا يمتلك الآخرون ولا نمتلكه؟ ماذا علينا أن نفعل لنتسلق جبل أولب كما يتسلقه الآخرون؟ ماذا ينقصنا لنسجل حضورا في الأولمبياد يتجاوز الظهور الأول؟ ويكرس مراكمة الخيبات؟
– الشباب؟ موجود لدينا كما لدى الآخرين، لكن الاختلاف في التوجيه والتكوين والإعداد والمصاحبة!
– البنيات والتجهيزات الرياضية؟ موجودة لدينا بنسبة محترمة، لكن ليس بالتوزيع المجالي الملائم كماً ومستوىً!
– الأموال؟ نصرفها، لكن بكمٍّ وكيفٍ فيهما نظر!
– الأطر التقنية؟ موجودة، لكن بانتشار سيّئ، وتبخيس الكفاءات، والاستغلال الأسوأ!
– التأطير الطبي، العضوي والنفسي؟ موجود، لكن في مناخ عمل غير لائق، وبلا تثمين وتقدير لدوره في سلسلة صناعة الأبطال!
هكذا يتجسد النقص الذي يُكبل رياضيينا ويعيق تطور رياضتنا، في كلمة « لكن »؛ لا بد إذن من التخلص من هذه الـ « لكن »، ونعيد بناء الرياضة وفق سياسة تندمج فيها خماسية المجالات المذكورة، دون ترك أي احتمال لظهور « لكن »، سياسة قوامها الاحتفاظ بكل ما قبل « لكن » والتخلص مما بعدها، سياسة نتدارك فيها كل ما يعتري الحديث عن واقعنا الرياضي اليوم من استدراك؛ سياسة محصنة من كل ما يمكن أن تعود معه « لكن »، وذلك عبر الربط العملي بين المسؤولية والمحاسبة، وإعماله، للقطع مع مرارة الخيبة، ومع الفشل التام الذي يعود بعده الخالدون إلى كراسيهم الجامعية، ويعود الشباب إلى اجترار واقعهم، دون تحريك للمحاسبة « عصا » أو قلقلة حصى.