فيديو : تديلي مسفيوة …بيوت آوت اليهود و مقابر بها أمواتهم
2700 مشاهدة
في بقعة أرضية هناك بجماعة تديلي مسفيوة , في منتصف جبل شاهق اكتسى اللون الأخضر بكثافة الأشجار , هادئ و صامت يسحر النفوس بجماله الخلاب . عاش فيه اليهود و تنافسوا مع المغاربة المسلمين , تجاورا و خالط بعضهم البعض في المجالس و الأسواق , امتهنوا مهنا عديدة , فلحوا و شقوا الأرض بنفس المحراث , عبروا عن أفراحهم بنفس الأهازيج , و عانوا القحط و المجاعات بنفس القدر من الصبر و منعشات الأمل .
هنا بتدلي توجد ‘‘ موليكيدو’’ و‘‘ تمالت نايت عزوز’’ , اسمين لمقبرتين تعود ملكيتهما لليهود المغاربة ,و أخرى ب ‘‘ أغرو’’ و هي الثالثة بالمنطقة ترقد بها روح يهودي داخل قبر شيدت عليه غرفة تزورها بعثات يهودية بشكل موسمي , مقابر دفنت بها الأجداد و الآباء , و الأمهات و العائلات اليهودية التي عاشت هناك على مر الأزمان , محاطة بجدار و مقفلة الأبواب , فلا أثر للقبور بها و لا ترى فيها العين سوى الغصون . حراس هذه المقابر بلغوا من الكبر عتيا , تمكن منهم الدهر و رسم على وجوههم خطوطا عريضة .
‘‘ الملاح ’’ اسم يطلق على مكان يتوسط دوار تديلي , يقطنه اليهود قديما , مكان ما زال يحتفظ لهم بذكريات يستحيل نسيانها ,عاشها أجدادهم مع المسلمين المغاربة وسط أجواء عمتها المحبة و الألفة , حرم به بيوت مبنية بحجر متراص صامدة صمود الجبال , عليها رموز بأشكال مختلفة نقشت بأياد يهودية . بوابات خشبية مهترئة يغلب عليها اللون البني . و أزقة ضيقة غير ممهدة بالشكل المطلوب , شجر الزيتون ملأ معبدهم , هي كلها مآثر تاريخية تحظى بزيارات موسمية من طرف اليهود المغاربة , لمحاكاة روح الماضي و ذاكرة ذلك المكان .
هنا في هذه المعصرة التقليدية التي بلغت من العمر سنين عددا , كان اليهود المغاربة ينتجون بها زيت الزيتون رفقة المواطنين بتديلي , يهود أسندت إليهم مهام السهر على إنتاج الزيت , أثبتوا كفاءتهم في تسيير و تدبير أمور العامة هناك , فجسدوا المحبة و عززوا انتمائهم لوطن يتقاسمون فيه الحزن و الفرح مع المسلمين . تفاصيل شيقة و شغوفة تتسم بها مراحل الطريقة التقليدية في إنتاج الزيت , يرويها ابن تديلي حسن …
الحب و الوقار هي السمات السائدة في علاقات المغاربة و اليهود المغاربة قبل و بعد رحيلهم , زياراتهم الموسمية إلى المنطقة تلخص كل شيء , زيارات تجسد تشبثهم ببلاد كانوا فيه عنصرا أصيلا . فحالت أسباب غلبت عليها السياسية دون استقرار حالهم كما كان على مر العصور .