
تصاعدت في الآونة الأخيرة شكاوى المواطنين من صمت المؤسسات العمومية وتجاهلها لمطالبهم وانتظاراتهم، وتزايد الفجوة بين الإدارة والمواطن، هذه الفجوة بدأت تتسع يوما بعد يوم مما عمق ويعمق أزمة الثقة ويزيد الإحساس بالتهميش، خاصة في المناطق الجبلية والقروية النائية أو المنسية أو ما يسميه البعض بالمغرب غير النافع.
هذا الصمت المتعمد وغياب المخاطب الرسمي يدفع المواطنين للاحتجاج، كما حدث في مسيرة آيت بوكماز أخيرا، حيث عبّر السكان عن تراكم سنين من الإقصاء، في ظل غياب تواصل فعّال مع الساكنة، وبدل الحوار والاستجابة للمطالب، فالدولة غالبًا ما تلجأ للمقاربة الأمنية.
استمرار هذا التجاهل قد يؤدي إلى تفجر انتفاضات أخرى، لا قدر الله، في مختلف الجهات، خاصة مع تصاعد الفقر والهشاشة وتفشي الفساد. غياب مؤسسات وسيطة فعّالة وعجز الأحزاب ومنع المجتمع المدني من لعب دوره المخول له بنص الدستور والمواثيق الدولية، خصوصا الجمعيات الحقوقية، كل هذا يجعل الشارع هو المنفذ الوحيد والملاذ لتعبيرالمواطنين عن غضبهم، مما ينذر بمخاطر حقيقية على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المغرب إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
بخصوص ما وقع أخيرا، يقول أحد المحتجين: “طرقنا كل الأبواب دون مجيب، وكأننا غير موجودين.” ويضيف ناشط جمعوي آخر: “المسؤولون لا يسمعون إلا عندما يخرج الناس للشارع.”
من جانبه، صرّح وسيط المملكة في تقريره الأخير: “ضعف التواصل مع المواطن يهدد الثقة في الإدارة ويغذي الاحتقان الاجتماعي.” كما حذّر أحد البرلمانيين قائلاً: “استمرار هذا الصمت قد يؤدي إلى انفجارات اجتماعية لا يمكن التحكم فيه.”
فعلا، غياب مؤسسات وسيطة قوية سيجعل الشارع هو المتنفس الوحيد، ، وسيصبح خطر الاحتجاجات والانتفاضات قائماً في كل الجهات، خاصة مع تصاعد الإحساس بالتهميش والظلم، في ظل حكومة عزيز أخنوش التي تمارس تغولها وتحكمها بشكل لم ير المواطنون له مثيلا منذ استقلال المغرب، بل ولم يشهده المواطنون طيلة سنوات الجمر والرصاص.
من ضمن ما قد يسهم في استعادة الثقة وتجنب وتفادي مخاطر أي انفجار اجتماعي:
1. ضرورة تعزيز الشفافية وتسهيل حصول المواطنين على المعلومة.
2. فتح قنوات حوار فعّالة بين المؤسسات والمواطنين وتفعيل الوساطة.
3. تشجيع المجتمع المدني على القيام بدوره، وخصوصا في جرائم تبديد ونهب المال العام.
4. إصلاح الأحزاب والنقابات لتجديد الثقة وإشراك الشباب والكفاءات.
5. تفعيل الرقابة لمحاربة الفساد وضمان العدالة الاجتماعية.
6. الاستماع لمطالب المحتجين عوض المقاربة الأمنية في معالجة الأزمات.
.7ضرورة قيام المحكمة الدستورية بالدور المنوط بها، وذلك بمراجعة كل القوانين التي أحيلت عليها وإصلاح ما يشوبها من أعطاب دستورية كارثية عوض المصادقة عليها كليا، كما حدث بقانون المسطرة الجنائية الذي سطرت به بنود مخالفة لدستور المملكة وللمواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب.
قد تساهم هذه التوصيات في بناء جسور الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتعزز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المغرب. أما تجاهل المطالب فلم يعد خيارًا، والحوار والاستجابة لها هما السبيل لتفادي الأزمات وضمان مستقبل أفضل للجمع. .
فهل من مستمع أو مجيب؟







