كورونا تفرض التعليم عن بعد … ولعبة فري فاير تفرض وجودها
1958 مشاهدة
لعبة فري فاير القتالية إستطاعت التحكم في عقول الاطفال والشباب وتركت بصمة العنف ذاخلهم ،مما جعلها تصنف من الألعاب الخطيرة والمسببة للإذمان والخطر على صحة كل من يلعبها .
أصبح معظم الاطفال والشباب يميلون إلى عالم التكنولوجيا الذي يخلق لهم عالم إفتراضي يستطعون العيش والإنغماس فيه ،وكل واحد منهم يصنع لنفسه عالمه الإفتراضي وفقا لما تتطلبه ميولاته . منهم من يشارك انشطته اليومية مع افراد عائلته وأصدقائه على مواقع التواصل الإجتماعي ،ومنهم من هو مولع بألعاب الڤيديو ،وهناك من هو شغوف بالمطالعة والتعلم ،لإغناء رصيده المعرفي .ولكل إنسان الحق في إختيار عالمه وإستغلال أجهزته الإلكترونية فيما يناسب طموحاته وأهذافه .
لكن ، وبعد أن حط الڤيروس الفتاك رحاله ببلاذنا ،اتاح الفرصة للأطفال والشباب للإنفراذ بممارسة هذه اللعبة ، فزاد قرار فرض الحجر الصحي الشامل للطين بلة ،فوجد الأطفال والشباب انفسهم أمام هذه اللعبة التي إنتشرت بشكل مخيف ،متجاهلين واجباتهم الدراسية والمنزلية الآخرى ، عالمها الواسع المليء بالمغامرات جذب عقول الشباب والناشئة ،فشغلتهم بصفة رهيبة وسرقت منهم حياتهم الشخصية ونهبت جيوبهم .
إنتشرت هذه اللعبة كانتشار النار في الهشيم ،وتسللت إلى بيوت الاسر المغربية ،فاصبح الآباء والامهات غير مطمأنين على حال ابنائهم المتدهور يوما بعد يوم . بعد ان تشببت في تدمير حياة ومستقبل العديد من مدمنيها . معظم الأطفال والشباب منعزلين في بيوتهم مدعين انهم على موعد مع اساتذتهم عبر تقنة " لايف" يشعرون بنوع من الإجبار على اللعب والعزلة الإجتماعية ،بمزاج متقلب وغليان اعصابهم بالتركيز المفرط على النجاح والفوز بالمعركة القتالية .دون الإكثرات إلى واجبهم الدراسي المفروض عنهم مستغلين عدم تواجدهم في المدارس والمؤسسات ،فيجد الأستاذ نفسه وحيدا امام شاشة هاتفه .
التعليم عن بعد صيغة إعتمدتها وزارة التربية الوطنية من أجل تفاذي الإكتضاض والإختلاط بمختلف المؤسسات التعليمية ،لمنع إنتشار ڤيروس كورونا کوڤيد 19 ، يحمل التلاميذ هواتفهم الذكية بنية المطالعة والتعلم فيجدون انفسهم منغمسين في اللعب في عالمهم المفضل ،لا يستطعون العودة منه والتركيز على دروسهم وفهمها .الأمر الذي آثار إنتباه العديد من الأسر المغربية ،جراء تقلب مزاج ابنائها وغرابة تصرفاتهم تجاه آبائهم وامهاتهم كلما خسرو المعركة .
الأمر لم يقتصر على عدم الإلتزام بالتمدرس عن بعد فحسب ،بل إمتد إلى غياب التواصل الاسري نظرا لتعلقهم المفرط بالاجهزة الإلكترونية وانعدام رغبتهم في مزاولة أنشطتهم اليومية الأخرى او الخروج للاماكن المفتوحة ،دائما ما يبحثون عن حجج وأعذار طوال الوقت للتمسك بالبقاء في بيوتهم .
يحكي الشاب محمد البالغ من العمر سن الرشد ،عن معاناته مع هذه اللعبة التي وصفها بالخبيثة بعد ان مر وقت طويل على إذمانه ممارستها ،شاب طموح ذو مظهر جميل تمكنت لعبة فري فاير من السيطرت على ميولاته ولم قادرا على التخلص منها .رسب للمرة الثانية تواليا في السنة الاولى بكالوريا بسبب هذه اللعبة التي كان يخصص لها الوقت الكافي لممارستها متجاهلا ، و في الكثير من الاحيان يرفض الذهاب إلى حيث يتابع دراسته من أجل خوض معركة ومعركتين او أكثر في حالة ما إذا إستمر في الفوز . إعتبرها سلوك اساسي في حياته وفضلها على حساب التحصيل الدراسي ، فأذى ثمن ذلك غاليا .
يقول محمد ،أن رغبته في العودة الى العالم الحقيقي ليست كافية لتعويض السنوات التي اضعتها من حياتي ،معتقدا ان تخلصه من هاتفه الذكي هو الحل الانسب للإبتعاد من ذلك العالم الإفتراضي الذي نهب جيوبه وافقده شهيته و وزنه رغبته في التأقلم مع الأخير .وترك فيه بصمة العنف والتعصب والعزلة .
وفي هذا الصدد ،يقول نورالدين ،الاب الذي إستغرب من تصرفات وسلوكات إبنه البالغ من العمر 12 سنة ،بعد أن اصبح يصرخ في وجهه و يرفض التواصل والجلوس لتباذل اطراف الحذيث معه . كل م يريده هو الابتعاد عنه وعدم التشويش عنه ريثما يفوز بالمعركة . بدأت اعراض لعبة فري فاير تتضح شيئا فشيئا على الإبن ،إنخفاض وزنه، وفقدان شهيته ،وقلقه المستمر ،وانعزاله عن الاسرة آثار إنتباهها فسارعت إلى منعه من ممارسة تلك اللعبة وغيرها من الألعاب الخطيرة .قبل ان تتفاقم نتائجها ويضيع مستقبل طفلها .
أغلب علماء النفس يؤكدون على خطورة هذه الالعاب القتالية ،خاصة إذا وصل ممارسوها حد الإذمان . حيث ان الإنسان يهرب من واقعه ليعيش في عالمه الإفتراضي المفضل بعيدا عن الحقيقة ،فلا يدرك دائما الفرق بين العالم الحقيقي والعالم الإفتراضي الذي تفرضه اللعبة خاصة على الاطفال .لانها توهمه بأن اساليب العنف هي الطريقة الوحيدة للدفاع عن النفس ،وكأن العنف هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المبتغى ،ويدعوا الخبراء الآباء والامهات والاولياء إلى ضرورة حماية ابنائهم من هذه اللعية وغيرها من الألعاب الإلكترونية التي من شأنها ان تلهي شبابنا وناشئتنا عن تطوير حياتهم الشخصية وبناء مستقبلهم .