
تعبأت هذا الصيف سلطات إقليم الجديدة بكل الوسائل لتدارك سنوات إهمال المدينة، لإلباسها حلة جديدة تستقبل بها زوارها في المدخل الرئيسي من جهة الدار البيضاء الذي اكتسى ببجاد أخضر من عشب يحظى بعناية خاصة من الإرواء والسقي بالماء الصالح للشرب الذي توزعه شركة التنمية الجهوية للدار البيضاء.
وتسابق هذه السلطات الزمن لإخراج مدينة الجديدة جديدةً في حلة بهية بتجنيد مختلف مصالحها بالآليات والمعدات والتجهيزات التي تمتلكها، من أجل تهيئة المساحات على طول شارع الأمم المتحدة لتجعلها فضاءات خضراء قبل المواعيد الدولية التي سيحتضن المغرب خلالها تظاهرات رياضية قارية ودولية.
غير أن كل هذا المجهود لا تتوافق نجاعة مشروعه مع الاستهلاك المفرط للماء العذب الصالح للشرب المستخدم لري العشب الأخضر والمغروسات من براعم الأشجار؛ ومردوديته الحضرية والجمالية وكذا البيئية ليست ذات نفع يستحق هذا الهدر الكبيرة لثروة حيوية تواجه المغرب بتحد اقتصادي وإنساني واجتماعي وأمني كبير مع استمرار مواسم الجفاف وتزايد الطلب على استهلاك الماء.
وستضطر السلطات والمجلس المنتخب لمواصلة العمل اليومي الدؤوب مدة طويلة في تعبئة صهاريج المياه وتسريح خراطيمها بعشوائية اليد العاملة لكتائب الإنعاش الوطني حتى ترتوي الأرض التي أحيتها يقظة بعد سبات، ما لم يتواكب هذا المجهود لضمان استمرار المرفق كما شيء له ان يكون فضاءا أخضر ومنتزهات بيئية جنبات الموج وعلى الطريق يستقبل الزواح والسياح، بمشروع السقي المبرمج بوسائل ترشيد استعمال المياه المعالجة في محطات تصفية عوادم الصرف الصحي.
وإذا لم يكن هذا المقال دعوة للتخلي عن مشروع السلطة والمجلس الجماعي لتجميل مدينة الجديدة ، فإنه تنبيه مبكر لمآل لا محالة ستصير اليه هذه الفضاءات عند فتور حماس المسؤولين وعودة الآليات والتجهيزات المعارة لاستخداماتها المعتادة وتجاهل الحاجة للري والسقي بالمياه المعالجة من الصرف الصحي عبر مد القنوات على طول وعرض المدينة التي تؤمل الساكنة والسياح ان تكون حاضرة بيئية خضراء.
وإن مشاريع مماثلة في مدينة الجديدة لتهيئة نفس الشارع بالنافورات الأرضية والطوار الأخضر، نموذج صارخ ومثال مشهود لهدر الماء وكذا هدر المال العام في برامج فاشلة من أساسها لغياب رؤية لدى أصحابها بلا تخطيط ذي أفق بعيد للنجاعة والمردودية بنفعية عامة.

![]()





