من حلم بناء أكبر مقر إلى بداية الانهيار الكبير، حزب الأصالة والمعاصرة يترنح في معقله بالرحامنة
1032 مشاهدة
إقليم الرحامنة، الذي يُعتبر أحد أبرز المعاقل الاستراتيجية لحزب الأصالة والمعاصرة، لطالما شكّل نقطة ارتكاز مهمة للحزب على الصعيدين التنظيمي والسياسي. في خطوة تهدف إلى تعزيز حضوره بالإقليم، أعلن الحزب، مباشرة بعد انتخابات 2021، عن مشروع طموح لبناء مقر كبير في مدينة ابن جرير، وُصف آنذاك بأنه سيكون أكبر مقر حزبي في المغرب ورمزا لقوة الحزب وقدرته على تجديد حضوره التنظيمي. وقد بَشَّر سمير كودار، رئيس جهة مراكش-آسفي ونائب الأمين العام للحزب، خلال أول لقاء نظمه الحزب بالإقليم بعد الانتخابات، بأن هذا المقر سيمثّل انطلاقة جديدة تعيد للحزب مكانته ..
لكن هذا المشروع الطموح سرعان ما تحول إلى عنوان للمفارقة التي يعيشها الحزب في الإقليم. فبدلا من أن يصبح رمزا للنهضة والتنظيم، بات الحزب يواجه انهيارا شعبيا غير مسبوق في الإقليم، نتيجة تصاعد الاستياء من غياب الالتزام بمشاريع تنموية تعالج مشكلات المنطقة.
الساكنة والمنتخبون المحليون عبّروا عن غضبهم مما وصفوه بتهميش الإقليم من قبل القيادة الجهوية للحزب، وعلى رأسها سمير كودار. هذا الاستياء تعمّق بفعل الأزمات التنموية التي تعاني منها المنطقة، كأزمة المياه الصالحة للشرب وتدهور البنية التحتية. وقد زاد غياب كودار او احد نوابه عن دورة المجلس الإقليمي الأخيرة الطين بلّة، حيث أبدى الحاضرون استغرابهم من تجاهله لمعاناة المنطقة التي كانت تشكل سابقا إحدى ركائز قوته التنظيمية.
الغضب لم يقتصر على المعارضة فقط، بل امتد إلى داخل الحزب نفسه. رئيس جماعة سيدي عبد الله البرلماني السابق عبد الحق الفائق، المنتمي إلى الأصالة والمعاصرة، عبّر عن استيائه من الوضعية الكارثية للبنية التحتية، مشيرا إلى تدهور الطرق التي لم يمضِ على إنشائها سوى عام واحد. هذه الحالة كشفت عن خروقات واضحة في تنفيذ المشاريع التنموية التي كان يُفترض أن تُحسّن جودة الحياة بالإقليم.
ليس الفائق وحده من اشهر بطاقة فشل مجلس الجهة بل جل رؤساء الجماعات القروية المنتمية لحزب الأصالة والمعاصرة ، وقفت عند ما تشهده المنطقة من تعثر في إنجاز مشاريع حيوية مثل تجهيز الآبار وإنشاء الصهاريج، رغم إعداد دراسات عدة بشأنها. هذه الإخفاقات المتكررة جعلت الساكنة المحلية تشعر بأن الحزب الذي كان يُنظر إليه كفاعل سياسي رئيسي أصبح جزءاً من المشكلات التي تعاني منها المنطقة.
إقليم الرحامنة، الذي كان يُعتبر نموذجا لدينامية الحزب وقدرته على التأثير السياسي، أصبح اليوم شاهدا على التحديات التي تهدد مستقبله. الانتقال من طموح بناء مقر حزبي كبير إلى مواجهة واقع يُظهر تراجع شعبية الحزب وانعدام ثقته لدى الساكنة يعكس عمق الأزمة. وإذا استمر الوضع دون تدخل جاد وسريع من القيادة الحزبية، قد تتحول الرحامنة من معقل استراتيجي إلى نقطة انطلاق لانهيار الحزب على نطاق أوسع.