
دعت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، في تعديلاتها على مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، إلى فتح المجال أمام الموظفين والمأجورين الراغبين في التسجيل في تكوينات لا تعتمد التوقيت المرن، مؤكدة في ذات الوقت رفضها لأي نوع من أشكال الخوصصة المقنعة للجامعات، ومطالبة بالحفاظ على طابعها العمومي.
وأوضحت المجموعة في تعديلاتها، على ضرورة تعزيز مكانة التعليم العالي العمومي كأداة أساسية في تنفيذ السياسات العامة في مجالي التكوين والبحث العلمي، والحرص على ضمان دوره في تحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين الفئات المعوزة من الوصول إلى التعليم العالي وجودته الأكاديمية، كما شددت على ضرورة تحقيق التوازن بين أهداف المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، مع تعزيز تنافسية التعليم العالي العمومي من خلال تمكينه من الموارد اللازمة والحفاظ على جاذبيته وجودة أدائه، ومنع استنزاف موارده البشرية من قبل مؤسسات أخرى.
وفيما يتعلق بالشراكة بين مؤسسات التعليم العالي والمقاولات، اقترحت المجموعة تعديلًا يهدف إلى “منع تحويل هذه الشراكات إلى خوصصة مقنعة أو استغلال غير متوازن لنتائج البحث وموارد الجامعة العمومية”، مع التأكيد على ضرورة تكريس الشفافية وتقاسم المنافع بشكل عادل، كما شددت على ضرورة أن تبقى الموارد المشتركة بين القطاعين العام والخاص في إطار الخدمة العمومية، دون أن تتحول إلى نقل فعلي للملكيات أو الوظائف لصالح شركاء من القطاع الخاص.
أما بالنسبة للتعليم العالي الخاص، فقد اقترحت المجموعة ضرورة إخضاعه للمبادئ الدستورية والقانونية التي تنظم المرافق العمومية، بما في ذلك مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز، مع التأكيد على دور الدولة في ضمان الحق في التعليم العالي وجودته.
وفي تعديلاتها للمادة 17، دعت المجموعة إلى التأكد من أن الترخيص لمؤسسات التعليم العالي الخاص لا يؤدي إلى المساس بأولوية التعليم العالي العمومي أو تحويله إلى خدمة خاضعة بالكامل لمنطق السوق والربح.
كما اقترحت المجموعة تعديلًا يهدف إلى “منع أي لبس بين مؤسسات التعليم العالي الخاص والمؤسسات الجامعية العمومية”، من خلال تحديد تسمية المؤسسات الخاصة وشعاراتها ووسائل تواصلها بما يضمن وضوح طبيعتها القانونية غير العمومية، وذلك انسجامًا مع مبدأ الشفافية وحماية حقوق المستهلكين وفقًا لأحكام الدستور والقانون الإطار 51.17 الذي يلتزم بضمان مساواة الفرص وعدم التضليل في الولوج إلى خدمات التعليم العالي.
وفيما يتعلق باعتراف الدولة بالتكوينات والشهادات، شددت التعديلات على ضرورة أن لا يؤدي هذا الاعتراف إلى اعتبار المؤسسات الخاصة مرفقًا عامًا أو إلى معادلتها بالجامعات العمومية في ما يتعلق بالنظام القانوني وحوكمة التمويل، مما يضمن الحفاظ على استقلالية التعليم العالي العمومي مع تمكين الدولة من مراقبة جودة التعليم في المؤسسات الخاصة.
وقد تقدم نواب “البيجيدي” بتعديل يضمن حماية حقوق الطلبة واستمرارية حقهم في التعليم العالي في حال توقف أو سحب ترخيص المؤسسات الخاصة، وذلك من خلال إلزام الإدارة والممثل القانوني للمؤسسة باتخاذ تدابير صريحة للاعتراف بالمسار الأكاديمي للطلبة وإدماجهم في مؤسسات معترف بها، حتى لا يتحملوا تبعات إخلال المؤسسة الخاصة بالتزاماتها.
وأكدت المجموعة على ضرورة تعزيز مبدأ الكفاءة والمسؤولية العلمية في إدارة مؤسسات التعليم العالي، وذلك من خلال حصر حق الترشح لمنصب رئيس الجامعة في أساتذة التعليم العالي والأساتذة المحاضرين المؤهلين، مما يساهم في رفع جودة التدبير الأكاديمي والإداري.
وشددت أيضًا على ضرورة تنظيم موارد الجامعة الناتجة عن الشراكات والاستثمارات بما يحفظ المال العام ويمنع التفويت غير المبرر لأصولها أو نتائج أبحاثها لصالح الغير، بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، كما أكدت على أن تعبئة الموارد المالية يجب أن تظل أداة لخدمة مهام التعليم العالي والبحث العلمي ذات الطابع العمومي، دون التأثير على استقلالية الجامعة أو مساس طبيعة خدماتها كخدمة عمومية.
وتضمنت التعديلات أيضًا فرض ضوابط على مساهمة الجامعات في رأسمال الشركات الخاصة وإنشاء مؤسسات للتكوين والبحث، بما يضمن أن تكون هذه العمليات متوافقة مع خدمة المهام الأكاديمية والبحثية العمومية، مع ضمان الشفافية وعدم تعارض المصالح، كما تم التأكيد على ضرورة حماية المال العام واستقلالية الجامعة من خلال اشتراط موافقة الهيئات التداولية المختصة على هذه المساهمات، لضمان عدم فقدان الجامعة قدرتها على مراقبة وتوجيه هذه المؤسسات.
وأخيرًا، شددت التعديلات على “منع نقل صلاحيات اتخاذ القرار من الهيئات المنتخبة إلى هياكل غير منتخبة”، بما يتماشى مع مبدأ الديمقراطية الداخلية وربط المسؤولية بالمحاسبة، مع التأكيد على عدم المساس بالاستقلال الأكاديمي والإداري للمؤسسات لضمان احترام مبدأ استقلالية الجامعة وحمايتها من أي تدخلات قد تقيد حرية المبادرة داخل الجامعات.







