انتقل إلى المحتوى
مراكش الاخبارية

مراكش الاخبارية

تفاعل بين القارئ و الكاتب و المشاهد

  • الرئيسية
  • سياسة
  • زاوية برلمانية
  • مجتمع
  • اقتصاد
  • حوادث
  • ثقافة وفن
  • رياضةرياضة
  • سفراء
  • خارج الحدود
  • جامع الفنا
  • سياحة
  • مقالات الراي

القيادة والعطلة: فنّ الاستراحة مع مواصلة الحضور

القيادة والعطلة: فنّ الاستراحة مع مواصلة الحضور
مراكش الإخبارية 2025-08-19 01:00

لا يوجد حد فاصل بين المسؤولية والراحة في حياة القائد، فقدْ يأتيه الصيف حاملاً معه وعد الاستجمام، وقد تدعوه الطبيعة إلى الانصراف عن الضوضاء، لكنّ نبض القيادة فيه يمنع عنه الخلود إلى السكون التام.
فالقيادة ليست مرهونة بساعة العمل، ولا أسيرة لقاعة الاجتماعات، بل إنها حضورٌ متواصل حتى في صمت الاستراحة، ويقظةٌ تظل قائمة ولو غابت الأجساد عن الميدان.

إنني في عطلة… أو هكذا يُفترض بي أن أكون إذا ما احتكمنا إلى التقويم. المكان آسر، والنسيم عليل رغم لهيب الصيف، وكل ما حولي يهمس لي بأن أقطع كل صلة بضجيج الحياة، وأنْأى بنفسي عن الانشغال بكل ما هو مهني مستسلماً لسكينة اللحظة. لكن عقلي، كعادته، يأبى الدخول في حالة “انفصال” أو حتى في “هدنة مؤقتة”. فأجدني أقرأ وأكتب وأتابع المستجدات وأتفاعل مع أحداث مجتمعي وأستحضر ما يثريه، بل وأهيّئ نفسي وأوراقي لما بعد العطلة.
ومن هنا تسلل إلى ذهني السؤال التالي : ما معنى العطلة بالنسبة للقائد؟
ففي مقابل حرصي الدائم على أن أظل يقظًا وحاضرًا -وإن كان حضوري عن بعد- يطلّ أمامي مشهد آخر على النقيض من ذلك تمامًا : مسؤولون يغيبون كليًّا عن المشهد. لا ردّ، لا تفاعل، لا حتى إشارة تثبت أنهم لا زالوا على قيد الوجود العام. وحين تداهم الساحةَ أحداث جسام، يجدون وقتها أنفسهم مضطرين لمغادرة ملاذاتهم الهادئة، فيعودون بوجوه يعلوها الارتباك وربما الغضب، وكأنهم أُخرجوا من عالم آخر. وإذا سألت عن السبب، جاءك الجواب: “كنت في عطلة”.

إنها العطلة … أم إنه انسحاب مؤقت من الواجب؟

بالنسبة للناس عامة، تبقى العطلة فسحةً مشروعة للراحة والانفصال عن العمل. لكن القائد الحق يعيش المعادلة بطريقة مختلفة؛ فمسؤولياته لا تذوب مع حرارة الصيف، ويقظته لا تتوقف مع دوران عقارب الساعة، لأن القيادة ليست وظيفة تُعلَّق على مشجب بنهاية اليوم، بل هي حضور دائم، ويقظة مستمرة، والتزام لا يعرف المواسم.
هذا لا يعني أن القائد مطالب بأن يكون أسير عمله ليل نهار، بل أن يتذكّر أن الغياب المطلق، خاصة في لحظات حساسة، أشبه بمنارة أُطفئت أنوارها في قلب العاصفة.

الراحة اليقِظة: توازن بين الانسحاب والحضور

ليس المطلوب أن يحوّل القائد عطلته إلى مكتب متنقل، ولا أن يتنكر لحقه في الاستجمام. لكن هناك ما أُسميه ب “الراحة اليقِظة”، وهي فنّ التوفيق بين صيانة الذات وصيانة الدور أو المهمة. فالقائد الفذ يحرص على :
✓ أن يبقى متاحًا ويقظاً لا يتوانى عن التدخل كلما استدعى الأمر ذلك،
✓ أن يحافظ على حبل التواصل عبر “المتابعة عن بُعد” ليعرف متى يلزمه الظهور،
✓ ألّا يتوانى عن تأكيد حضوره بكلمات ولو موجزة لكنها مؤثرة أو بتسجيل مواقف حاسمة كلما دعت الحاجة إلى ذلك،
✓ أن يفوض بوضوح حتى لا يشعر من حوله بما يمكن تسميته ب “اليُتم القيادي”.

القيادة الأكاديمية في موسم الانقطاع

في الوسط الأكاديمي، قد تشكل العطلة فرصة نادرة للانكباب على القراءة والتأمل والكتابة، لكن لا ينبغي أن تتحول إلى قطيعة مع المجتمع الأكاديمي.
يمكن لرئيس الجامعة أو عميد الكلية أو مدير المدرسة أو رئيس المصلحة أن يقضي يومه على الشاطئ، لكنّه في الوقت ذاته يحرص على بعث رسالة دعم في مناسبة مهمة، أو يردّ على بريد استراتيجي، أو يشارك فكرة ملهمة مع معاونيه وأعضاء الهيأة التي يرأسها وحتى مع طلبته.
هذه الالتفاتات، مهما بدت بسيطة، تحمل في طياتها رسائل أبلغ من الخطابات : “أنا حاضر، حتى وإن ابتعدت”.
إنها ليست حالة من الهوس بالعمل، بل هي إدراك ووعي بحجم المسؤولية.

خاتمة

إن العطلة حقّ إنساني لا غبار عليه، والراحة ضرورة لا غنى عنها. لكن القيادة، في جوهرها، لا تخضع للإجازات الموسمية. إنها التزام دائم وحضور مستمر ودور رمزي لا ينطفئ.
فالقائد الحقّ هو الذي يعرف متى يخفف ضوء منارته ليستعيد طاقته حتى لا يترك البحر في ظلام دامس يتيه فيه كلُّ مرتاديه.

Loading

مراكش الإخبارية
مراكش الإخبارية
Tags: القيادة والعطلة: فنّ الاستراحة مع مواصلة الحضور

Post navigation

سابق الدورة الأولى من مهرجان “عيطة د بلادي” من 13 إلى 15 نونبر القادم
التالي ابتسام لشكر وإشكالية الحرية: نحو إعادة صياغة التوازن بين حق التعبير واحترام المقدسات

قصص ذات صلة

بَيْنَ السِّيَــاسَةِ والرِّيَــاضَة، أَيَّتُهَــا عَلاَقَــة؟ (كُـــرَة القَــدَم في المَغْــرِبُ نموذجا)
  • مقالات الراي

بَيْنَ السِّيَــاسَةِ والرِّيَــاضَة، أَيَّتُهَــا عَلاَقَــة؟ (كُـــرَة القَــدَم في المَغْــرِبُ نموذجا)

2025-12-05 22:52
الذكاء الاصطناعي وعالم السياسة… من يحكم من؟
  • مقالات الراي

الذكاء الاصطناعي وعالم السياسة… من يحكم من؟

2025-11-21 14:00
عيد الوحدة : تتويج ملكي لمسار الانتصار الدبلوماسي وحسم نهائي لملف الصحراء المغربية
  • مقالات الراي

عيد الوحدة : تتويج ملكي لمسار الانتصار الدبلوماسي وحسم نهائي لملف الصحراء المغربية

2025-11-07 11:34
الرابط إلى موقع التجنيد

Recent Posts

  • تفاصيل حول تدخل السلطات لجمع السيارات المهملة من الشوارع
  • ورشة تحسيسية حول الأمن السيبيراني وحماية المعطيات الشخصية لفائدة المستفيدات دار الطالبة بجماعة تارميكت
  • مراكش تختتم أشغال المؤتمر العالمي التاسع عشر للماء بإعلان يؤكد مركزية الأمن المائي في مواجهة التحديات المناخية
  • نقاش سياسي سابق لأوانه بأمزميز حول اختيار رئيس جديد للجماعة
  • بَيْنَ السِّيَــاسَةِ والرِّيَــاضَة، أَيَّتُهَــا عَلاَقَــة؟ (كُـــرَة القَــدَم في المَغْــرِبُ نموذجا)

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.
زيارة قناة اليوتيوب

ربما فاتتك اخبار محلية

تفاصيل حول تدخل السلطات لجمع السيارات المهملة من الشوارع
  • زاوية برلمانية

تفاصيل حول تدخل السلطات لجمع السيارات المهملة من الشوارع

2025-12-06 00:00
ورشة تحسيسية حول الأمن السيبيراني وحماية المعطيات الشخصية لفائدة المستفيدات دار الطالبة بجماعة تارميكت
  • مجتمع

ورشة تحسيسية حول الأمن السيبيراني وحماية المعطيات الشخصية لفائدة المستفيدات دار الطالبة بجماعة تارميكت

2025-12-05 23:16
مراكش تختتم أشغال المؤتمر العالمي التاسع عشر للماء بإعلان يؤكد مركزية الأمن المائي في مواجهة التحديات المناخية
  • محلية

مراكش تختتم أشغال المؤتمر العالمي التاسع عشر للماء بإعلان يؤكد مركزية الأمن المائي في مواجهة التحديات المناخية

2025-12-05 23:11
نقاش سياسي سابق لأوانه بأمزميز حول اختيار رئيس جديد للجماعة
  • سياسة

نقاش سياسي سابق لأوانه بأمزميز حول اختيار رئيس جديد للجماعة

2025-12-05 23:00

الإيواء : ESBW

© 2025 Marrakech7 — جميع الحقوق محفوظة. | DarkNews بواسطة AF themes.