
أثار المستشار البرلماني يوسف ايدي، عن الفريق الاشتراكي–المعارضة الاتحادية، إشكالية الخصاص المهول في الأطر الطبية والصحية، وذلك خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، المنعقدة يوم الثلاثاء 30 دجنبر 2025، من خلال سؤال شفوي موجه إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية.
وأكد ايدي، في معرض طرحه للسؤال، أن موضوع الخصاص في الموارد البشرية الصحية بات إشكالا بنيويا مزمنا داخل المنظومة الصحية الوطنية، موضحا أنه يطرح في كل دورة برلمانية تقريبا، سواء من طرف فرق الأغلبية أو المعارضة، دون أن يتم التوصل إلى حلول ناجعة تضع حدا لمعاناة المواطنات والمواطنين في الولوج إلى الخدمات الصحية، خاصة فيما يتعلق بتوفير الأطر الطبية الكفؤة.
وتساءل المستشار البرلماني عن الإجراءات العملية التي اتخذتها وزارة الصحة للتغلب على هذا الخصاص، معتبرا أن الإشكال لم يعد يحتمل مزيدا من التشخيص، بل يتطلب حلولا ملموسة وفعالة تستجيب لانتظارات المغاربة.
وفي تعقيبه على جواب الوزير، اعتبر يوسف ايدي أن الرؤية المقدمة، رغم طابعها المستقبلي، تبقى غير كافية، مشددا على أن الموضوع أكبر من مجرد أرقام وإحصائيات، ويستدعي اعتماد خطة استعجالية وحوار وطني حقيقي، يقوم على الوضوح والجرأة في تشخيص الواقع الصحي.
وانتقد ايدي المقاربة المعتمدة في التعامل مع الأطباء بمنطق “العمل المأجور”، معتبرا أن هذا التوجه لا يراعي طبيعة المهنة الطبية والمهام الجليلة التي يضطلع بها الطبيب، ولا يمكن اختزالها في زيادات محدودة في الأجور، خاصة في ظل المنافسة الشرسة بين القطاعين العام والخاص، وحتى بين الدول، لاستقطاب الكفاءات الطبية.
وأوضح أن الحديث عن رفع الأجر بمقدار بضعة آلاف من الدراهم لا يكفي لإقناع طبيب بالعمل في مناطق نائية وصعبة، في وقت توفر فيه المصحات الخاصة في المدن الكبرى أجورا مضاعفة، وظروف عمل أكثر جاذبية، مضيفا أن من الصعب اليوم إقناع طبيب بالعمل بأجر يقارب 10 آلاف درهم، فما بالك بالعمل في مناطق تعاني من صعوبة الولوج وضعف البنيات التحتية.
وفي سياق متصل، نوه المستشار البرلماني بالتدخل الملكي الأخير، حينما أصدر جلالة الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته لإحداث مستشفيات ميدانية بعدد من الأقاليم المتضررة من الظروف المناخية القاسية، معتبرا أنه لولا هذا التدخل لكان الوضع الصحي كارثيا بالنسبة لعدد من المواطنين.
كما عبر ايدي عن دعم فريقه للمشروع الملكي الطموح للدولة الاجتماعية والانخراط الإيجابي فيه، لكنه في المقابل عبر عن تخوفه من بطء وتيرة التنزيل ومنهجية التنفيذ، خاصة في ظل اعتماد المجموعات الصحية الترابية، في وقت تعيش فيه الموارد البشرية، باعتبارها الشريك الأساسي في الإصلاح، حالة من الاحتقان والاحتجاج.
وشدد في هذا الإطار على أنه لا يمكن تجاهل احتجاجات مهنيي الصحة أو التقليل من شأنها، مؤكدا أنها ليست احتجاجات مجانية، بل تعكس اختلالات حقيقية في التواصل، وفي تعبئة الموارد البشرية وضمان انخراطها الواعي والمسؤول في إنجاح ورش إصلاح المنظومة الصحية.
وختم المستشار البرلماني مداخلته بالتأكيد على أن أي إصلاح حقيقي للقطاع الصحي يظل رهينا بتعبئة شاملة وانخراط فعلي للأطر الطبية والصحية، معتبرا أن الموارد البشرية تشكل حجر الزاوية في إنجاح الورش الوطني الكبير لإصلاح المنظومة الصحية وبناء دولة اجتماعية قوية ومنصفة.







