
في خطوة إدارية تحمل الكثير من الترقب، حطت الباشا نوال العسكري، رمز الصرامة والنزاهة والإنظباط، رئيسة الدائرة الحضرية النخيل، رحالها مؤقتا بمنطقة سيدي يوسف بن علي، لتنيب عن زميلها القائد الممتاز أمين التيجيني، الذي يستفيد من عطلته السنوية المستحقة. فمرحبا بالسيدة الباشا في هذه المنطقة العريقة الأكثر حساسية داخل تراب مدينة مراكش، ترحيبا خاليا من أي تملق أو تزلف أو تقرب، ترحيبا صادرا عن قناعة واحترام وتقدير ممزوج بالنصيحة والتحذير.
السيدة الباشا، ها أنت اليوم تتسلمين مفاتيح المسؤولية مؤقتا عن هذه المنطقة، ونقولها لك بكل وضوح: “نعسي على جنب الراحة” بجميع نفوذ المنطقة سواء الجنوبية أو الوسطى أو الشمالية، لكن، وإن كنا نوصيك بـ”النوم على جنب الراحة”، فذلك لا يشمل الحي الجديد، وإن بدا من بعيد أنه هادئ، فهو حي لا ينام ولا يطمئن إليه، ولا يرحم الغفلة، ولا ينتظر التردد، فهناك تتحدى الأشغال قرارات الإيقاف، وتبنى الأقبية والمخالفات على مرأى ومسمع من السلطة، هناك، كل ثانية قد تحمل مفاجأة، وكل غفوة قد تترجم إلى ورش عشوائي أو بناية خارجة عن القانون، ومهمتك اليوم داخله ليست مهمة عادية، بل أشبه ما يكون بدخول ساحة حرب عمرانية قابلة للاهتزاز في أي لحظة، فيكفي أن تغمضي عينيك للحظة، لتنفجر في وجهك قنبلة تعميرية جديدة أو مخالفة صارخة.
مرة أخرى، نرحب بك السيدة الباشا، ونعيد ونكرر، إمارة الحي الجديد لا ترحم الغافلين، وقنابلها التعميرية لا تنتظر عودة زميلك من عطلته لتنفجر، ولك منا كامل الدعم إن اخترت طريق الصرامة كما عهدناك، وكامل النقد إن اخترت الصمت، وبين هذا وذاك، نذكرك أن المسؤولية لا تتجزأ، وأن التاريخ لا يرحم، فإياك ثم إياك أن تغمضي عينيك عن إمارة الحي الجديد ولو لثوان، لأن كل غفلة هناك تتحول إلى ورش مخالفات، ولاتتهاوني فكل تهاون يتحول إلى وصمة عار على جبين من يفترض أن يحمي القانون، ولا تركني إلى تقارير مكتبية باردة، بل انزلي إلى الميدان، وعايني بأم عينيك ما يجري داخل نفوذ الحي الجديد، وستكتشفين أن ما يكتب ويقال أقل بكثير مما يحدث في الواقع، فالحي الجديد النقطة السوداء داخل منطقة سيبع من حيث التعمير، لا يدار من خلف المكاتب ولا بالهواتف، بل يتطلب نزولا ميدانيا، ومتابعة لصيقة، ومحاسبة صارمة لكل من تهاون أو تستر أو غض الطرف، فالقضية لم تعد مجرد مخالفات بسيطة، بل فضائح تعميرية تهز الثقة في الإدارة.
المهمة ليست سهلة، لكنك عليك السيدة الباشا نوال العسكري ليست صعبة، فقط تذكري أن الحي الجديد لا يغمض له جفن، فلا تغمضي له عينا.






