
أثار تصريح وزير الصحة، أمين التهراوي، داخل قبة البرلمان، بشأن توقيف الدعم العمومي الموجه للمصحات الخاصة، جدلا واسعا في الأوساط الصحية، وفتح باب التساؤلات حول حقيقة الدعم العمومي لهذا القطاع، ومآل الأموال العمومية في ظل غياب وضوح تام بشأن المستفيدين وآليات التوزيع.
وأكد الوزير أن الدولة كانت تقدم دعما للمصحات الخاصة في إطار لجان الاستثمارات، لكنه أشار إلى أن هذا الدعم لم يعد مبررا، نظرا لما اعتبره استفادة غير مباشرة للقطاع من نظام الحماية الاجتماعية الذي يغطي تكاليف علاج المرضى في هذه المصحات، ما يعفيها عمليا من صعوبات مالية حقيقية.
وأوضح التهراوي أن هذا الدعم غير المباشر يجعل القطاع الخاص في وضع مريح من حيث رقم المعاملات، وهو ما يسقط الحاجة إلى أي إعانات إضافية، حسب تعبيره.
غير أن هذه التصريحات قوبلت باستنكار ودهشة من طرف الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة، التي خرجت برسالة مفتوحة إلى الوزير، عبرت فيها عن استغرابها من مضمون الخطاب الرسمي، مؤكدة أن “أي مصحة منضوية تحت لواء الجمعية لم تتلق في السابق دعما أو إعانة مالية من الدولة، لا لتسييرها ولا لتجهيزها”.
ونبها الجمعية، التي تعد أكبر تمثيلية مهنية للقطاع الخاص الصحي في المغرب، إلى خطورة ما وصفته بـ”اللبس” الذي قد تخلقه هذه التصريحات لدى الرأي العام، معتبرة أنها تغذي صورة مغلوطة عن طبيعة علاقة المصحات الخاصة بالدولة، كما طالبت بالكشف عن القوانين أو المراسيم التنظيمية التي تؤطر هذا الدعم، مع نشر لائحة المستفيدين والمبالغ المصروفة، إن وجدت، وذلك في سبيل ضمان الشفافية وتفادي الخلط بين الدعم المؤطر قانونيا وآليات تعاقد الدولة مع القطاع الخاص ضمن منظومة الحماية الاجتماعية.
وأمام هذا الجدل، يبقى السؤال المطروح من هي الجهات التي استفادت من الدعم؟
وفي انتظار توضيح رسمي من طرف وزارة الصحة بخصوص هوية المستفيدين، فإن النقاش قد يتحول إلى مدى التزام الحكومة بمبدأ الشفافية في تدبير المال العام، ومدى دقة التصريحات الرسمية في قضايا تلامس الثقة العامة، خاصة في ظل الاحتجاجات الشبابية لحركة “جيل زد”، التي تعرفها مجموعة من مدن المملكة حاليا.







