
في مدينة أكادير، حيث تتداخل السياسة بالاقتصاد، والسلطة بالمال، عاد الجدل ليفتح أبواب الريبة حول مآلات بعض المهرجانات التي انطلقت كمناسبات فولكلورية، قبل أن تنزاح تدريجيا نحو مشاهد اعتبرها كثيرون صادمة ومرفوضة ثقافيًا ودينيًا. مهرجان “بيلماون”، الذي يُنظم سنويًا في المدينة، بات يُتهم من طرف عدد من المتتبعين المحليين بـ”التحول إلى منصة ترويجية لرموز عبادة الشياطين والمثلية”، متجاوزًا بذلك روح طقس “بوجلود” الشعبي.

المثير في كل هذا، أن من بين أبرز المساهمين في دعم هذا الحدث شركة “أفريقيا غاز”، التابعة لمجموعة اقتصادية يمتلكها رئيس الحكومة وعمدة أكادير، عزيز أخنوش. ما يدفع للتساؤل حول الازدواجية في الدور الذي يمارسه الرجل الأول في السلطة التنفيذية من جهة، وعرّاب أحد أكبر المشاريع الاقتصادية في المغرب من جهة أخرى.
عدد من الجمعيات والفعاليات المحلية دقت ناقوس الخطر، معتبرة أن ما يحدث تحت غطاء “التراث” و”الانفتاح الثقافي” لا علاقة له بما تمثله الثقافة الأمازيغية الأصيلة، بل هو تغليف فني لانحراف رمزي خطير. خاصة مع ظهور مظاهر اعتبرها بعضهم “شيطانية” في الزينة واللباس، ومشاهد ذات دلالات تتعارض مع قيم المجتمع.
فهل نحن أمام دعم ثقافي بريء، أم توظيف ناعم للسلطة الاقتصادية في اتجاهات تبتعد عن المرجعية الثقافية والدينية للمغاربة؟
وهل صمت عمدة المدينة عن هذا “الانفلات الرمزي” تعبير عن حياد، أم أنه جزء من هندسة صامتة لعلاقات السلطة والثقافة؟
في كل الحالات، فإن مهرجان “بيلماون” لم يعد مجرد احتفال شعبي، بل أصبح مرآة سياسية تعكس حجم التناقضات بين الخطاب العمومي، وممارسات النخبة النافذة في المغرب.
وإلى أن تظهر مواقف رسمية، تبقى الأسئلة معلقة… والشارع يهمس:
“أكادير فين غادية؟”
![]()






