
وجه المستشار البرلماني عبد الرحمن وافا سؤالا شفويا إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، حول موضوع “تسوية وضعية المرشدين السياحيين غير النظاميين”، وذلك خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، المنعقدة اليوم الثلاثاء.
وفي جوابها، أكدت الوزيرة أن فئة المرشدين السياحيين تضطلع بدور محوري في تثمين التراث الطبيعي والثقافي الوطني، وفي تحسين جودة المنتوج السياحي، مشددة على أن الوزارة واعية تمام الوعي بأهمية الإرشاد السياحي كرافعة أساسية للنهوض بالقطاع، وقد ذكرت في هذا السياق بإصدار القانون رقم 05.12 المتعلق بمهنة المرشد السياحي، والذي يهدف إلى تنظيم المهنة والرفع من جودة خدماتها.
وأوضحت عمور أن من أبرز مستجدات هذا القانون إلزامية التكوين الأولي بالمعاهد التابعة لقطاع السياحة من أجل ولوج المهنة، إلى جانب التكوين المستمر الإجباري كل ثلاث سنوات لتطوير كفاءات المهنيين وضمان استمرارهم في مزاولة النشاط، مشيرة أن المادة 31 تنص على فترة انتقالية لتسوية وضعية الأشخاص الذين راكموا خبرة ميدانية في الإرشاد السياحي دون التوفر على شرط التكوين.
وفي هذا الإطار، أشارت الوزيرة إلى أن الوزارة نظمت امتحانين مهنيين لتسوية الوضعية، الأول سنة 2018 وأسفر عن تسليم 1108 اعتمادات، والثاني سنة 2023 تم خلاله منح 1299 اعتمادا، وقد أشرفت على هذا الامتحان الأخير لجان ترأسها ولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة، وضمت ممثلين عن السلطات المحلية والجمعيات الجهوية للمرشدين السياحيين والمندوبيات الجهوية والإقليمية للسياحة، وأسندت إليها مهمة انتقاء الأشخاص المتوفرين على الكفاءة والتجربة الميدانية.
وأضافت أن عدد المرشدين السياحيين بالمغرب بلغ اليوم 4623 مرشدا، من بينهم 1406 يشتغلون بالفضاءات الطبيعية و3217 بالمدن والمدارات السياحية، معتبرة أن هذا العدد مهم وقادر على مواكبة الارتفاع المتزايد في عدد السياح الوافدين على المملكة.
غير أن المستشار عبد الرحمان وافا، وفي تعقيبه، عبر عن أسفه لكون جواب الوزيرة لم يلامس الإشكال الحقيقي الذي تعاني منه شريحة واسعة من المرشدين السياحيين غير النظاميين، خاصة بمدينة مراكش، والذين تعيش غالبيتهم وضعية هشة وصعبة.
وأكد وافا أن هذه الفئة ليست طارئة على القطاع، بل تضم مهنيين كرسوا حياتهم لخدمة السياحة الوطنية، ويزاولون عملهم منذ سنوات طويلة، ويتقنون عدة لغات، ولديهم معرفة عميقة بتاريخ المملكة ومعالمها الحضارية، ومثلوا المغرب أحسن تمثيل أمام ملايين السياح.
وأشار وافا إلى أن هؤلاء المرشدين، ورغم كفاءتهم وتجربتهم، لا يزالون خارج الإطار القانوني، ويشتغلون دون حماية اجتماعية أو مهنية، معتبرا أن الحديث يدور عن كفاءات جاهزة لا تحتاج إلى تكوين إضافي، وأن إدماجها في المهنة لن يشكل عبئا على الدولة أو على القطاع، بل سيكون استثمارا مريحا وقيمة مضافة حقيقية.
وأضاف أن تسوية وضعية هذه الفئة ستساهم في رفع جودة الخدمات السياحية وتحسين صورة الوجهة المغربية، خاصة في ظل الاستحقاقات والرهانات السياحية المقبلة وتنظيم المملكة لتظاهرات دولية كبرى، وانتقد في المقابل المقاربات المعتمدة حاليا، التي قال إنها ما تزال إقصائية ولا تراعي الواقع الحقيقي للمهنة، ما خلق إحساسا بالحيف والتمييز لدى فئة تطالب فقط بالإنصاف وتسوية وضعيتها بشكل عادل وشفاف.
ودعا المستشار البرلماني إلى إعادة قراءة شاملة لمنظومة الترخيص لمهنة الإرشاد السياحي، واعتماد مساطر مرنة وواضحة وشفافة تراعي سنوات الممارسة والخبرة الميدانية، وتكرس مبدأ تكافؤ الفرص مع الحفاظ على تنظيم القطاع وجودة خدماته.
كما شدد على ضرورة التفكير في فتح أسواق سياحية جديدة تستقطب سياحا ذوي قدرة شرائية مرتفعة، لما لذلك من أثر إيجابي على تحريك العجلة الاقتصادية والتجارية، خاصة على مستوى المدن السياحية، حيث يساهم المرشد السياحي في خلق فرص الشغل، وتنشيط المطاعم، ودعم الصناعة التقليدية، بما يعود بالنفع على النسيج الاقتصادي المحلي ككل.
وختم وافا مداخلته بالمطالبة بتوفر إرادة سياسية إصلاحية حقيقية، وفتح هذه الأوراش في إطار تشاركي مع المهنيين، بهدف إعادة الاعتبار للمرشدين السياحيين غير النظاميين وتمكينهم من القيام بدورهم كفاعل أساسي في النهوض بالسياحة الوطنية وإنجاح الرهانات الكبرى التي تنتظر المغرب.







