دفن أم أيمن تحت الأنقاض بجنان العافية

في صباح يوم عادي، بينما كنت أعبر طريق « طوالة الميعارة » بجنان العافية، لم أكن أتوقع أن أُصدم بمشهد يشبه الكابوس… لا، بل هو أبشع من ذلك. ما رأيته أمامي عند سور مدرسة أم أيمن لم يكن مجرد أكوام من الأتربة ومخلفات البناء، بل كان خيانة صريحة لقيم التعليم، وصفعة في وجه الطفولة التي تلج المدرسة كل صباح بحثًا عن الأمل والمعرفة.
سور المدرسة، الذي يفترض أن يكون رمزًا للأمان والسكينة، تحوّل إلى مكب عشوائي للنفايات. بقايا الطوب، أكياس الإسمنت المهترئة، وأكياس البلاستيك الممزقة… كل ذلك مرمي بلا خجل أو وازع، وكأن المكان لا يعني شيئًا. وكأننا نسينا أن هذه المؤسسة ليست جدارًا من إسمنت، بل بيتًا لأرواح صغيرة تحلم بغدٍ أفضل.
تخيلوا معي… تلاميذ صغار، يجرّون حقائبهم الثقيلة، يتجهون إلى باب المدرسة وأول ما تقع عليه أعينهم هو هذا المشهد المقزز. أي رسالة نوصلها لهم؟ كيف يمكنهم أن يثقوا في المجتمع أو يحترموا النظام والنظافة إذا كان محيط مدرستهم أول من يخون هذه القيم؟
أين الضمير الجمعي؟ أين احترام حرمة المؤسسات التعليمية؟ هل أصبحت المدارس، معاقل المستقبل، ساحات مباحة لتصريف الأوساخ ومخلفات المقاولات؟ إن ما يحدث أمام مدرسة أم أيمن لا يُعد فقط جريمة في حق البيئة، بل جريمة تربوية وأخلاقية يجب أن يتحمل مسؤوليتها الجميع: السكان، السلطات، والمجتمع المدني.
المدرسة ليست فقط مكانًا للتعليم، بل فضاء لتشكيل الإنسان. فكيف ننتظر من التلميذ أن يحلم ويبني ويتفوّق، إن كان يخطو أولى خطوات يومه وسط الركام والقمامة؟
لعلّ في هذه الكلمات نداء يُسمع، وضمير يُوقظ، وأمل يُبعث… فمدرسة أم أيمن، وكل مدارسنا، تستحق الأفضل.