
اختتمت بالعاصمة الرباط أشغال الدورة الثالثة للجمعية العامة لمؤتمر رؤساء المؤسسات التشريعية الإفريقية، باعتماد “إعلان الرباط” الذي يؤطر رؤية إفريقية مشتركة لتعزيز القيادة التشريعية والدبلوماسية البرلمانية في ظل نظام عالمي متغير، يطبعه تسارع التحولات الجيوسياسية وتنامي التحديات الأمنية والاقتصادية والبيئية.
وشكل هذا الإعلان، الذي توج اجتماعات رؤساء البرلمانات الإفريقية المنعقدة ما بين 12 و14 دجنبر، تعبيرا جماعيا عن وعي برلماني إفريقي بضرورة الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في حماية الديمقراطية، وترسيخ الحكامة الرشيدة، وتعزيز السلم والاستقرار والتنمية المستدامة بالقارة.
وأكد المشاركون، في ديباجة الإعلان، تشبثهم بالمبادئ الدستورية والديمقراطية، وبالتعاون متعدد الأطراف والاندماج الإقليمي، مع التشديد على أهمية الدبلوماسية البرلمانية كرافعة لتعزيز حضور إفريقيا في الساحة الدولية، والدفاع عن مصالحها الاستراتيجية.
وفي هذا السياق، التزم رؤساء البرلمانات بتقوية القدرات التشريعية لمواجهة التحديات المعاصرة، خاصة في ما يتعلق بتدبير المالية العمومية، والتغيرات الديموغرافية، والتكيف مع التغير المناخي، وتقليص الفوارق الاجتماعية، وتمكين النساء والشباب، مع تعزيز الرقابة البرلمانية والدفاع عن النظام الدستوري في مختلف الدول الإفريقية.
كما شدد إعلان الرباط على الدور المتنامي للدبلوماسية البرلمانية في الوقاية من النزاعات وتعزيز التضامن الإفريقي، داعيا إلى تكثيف التعاون البرلماني الثنائي والمتعدد الأطراف، وتبادل الخبرات والمعلومات، وتطوير آليات الوساطة والمساءلة المشتركة.
وفي محور الديمقراطية والأمن، أكد الإعلان التزام البرلمانات الإفريقية بدعم المسارات الديمقراطية، وصون وحدة الدول وسلامة أراضيها، وتعزيز التعاون التشريعي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، باعتبار الأمن شرطا أساسيا لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
وأولى الإعلان أهمية خاصة للتحول الديموغرافي الذي تعرفه القارة، معتبرا إياه فرصة تاريخية، من خلال تبني تشريعات داعمة للتعليم الجيد، وتنمية المهارات، وتشغيل الشباب، وتعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية والاقتصادية، إلى جانب دعم التحول الاقتصادي القائم على الابتكار والمعرفة.
كما نص الإعلان على اعتماد مبادرة التوجيه التشريعي كبرنامج رائد لتأهيل قيادات برلمانية شابة، وعلى مأسسة بعثات الملاحظة البرلمانية لمواكبة الانتخابات ومسارات الإصلاح الدستوري وتعزيز الوساطة والوقاية من النزاعات.
وعلى المستوى المؤسساتي، رحب المشاركون بإحداث الأمانة العامة لمؤتمر رؤساء المؤسسات التشريعية الإفريقية بأبوجا، مثمنين التقدم المحرز منذ الجمعية العامة السابقة، ومجددين الثقة في قيادة المؤتمر وأجهزته التنفيذية، مع اعتماد خطة العمل للفترة 2026-2027.
وفي ختام الإعلان، عبر رؤساء البرلمانات الإفريقية عن امتنانهم للمملكة المغربية وبرلمانها على حسن الاستضافة، مؤكدين عزمهم على بناء إفريقيا أكثر تكاملا وسلما وتأثيرا دوليا، مع التأكيد على أحقية القارة في التمثيل الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، انسجاما مع مبادئ العدل والإنصاف في الحكامة العالمية.
ويعكس “إعلان الرباط” إرادة سياسية وتشريعية إفريقية موحدة للانتقال من منطق التشخيص إلى منطق الفعل، عبر قيادة برلمانية





