
تجري في هذه الاثناء الجلسة الشهرية المخصصة لرئيس الحكومة داخل مجلس المستشارين، والمخصصة لمناقشة محور «التنمية الترابية ورهانات تحقيق العدالة المجالية»، وهو موضوع يعتبر من أكثر الملفات حساسية وترابطا بين مختلف القطاعات الحكومية. غير أن المشهد السياسي المرافق للجلسة طغى على مضمونها، بعدما ظهر عزيز أخنوش شبه وحيد، في غياب لافت لوزراء حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، مقابل حضور الوزراء المنتمين لحزب التجمع الوطني الاحرار فقط.
هذا المشهد اعتبره متابعون مؤشرا صارخا على تفاقم حالة التصدع داخل الاغلبية الحكومية، في لحظة كان يفترض أن تعكس أعلى درجات التنسيق الحكومي بالنظر الى طبيعة المحور الذي تتقاطع فيه مسؤوليات الداخلية والتعمير والصحة والمالية والتجهيز والتعليم وغيرها من القطاعات المرتبطة مباشرة بالتنمية الترابية.
غياب الحليفين السياسيين داخل الحكومة تزامن مع تزايد الضربات غير المعلنة بين مكونات الاغلبية، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال منصات صحفية تكتب تحت الطلب لصالح هذا الحزب او ذاك، مما يعكس حالة من تصفية الحسابات الباردة التي باتت تخرج الى العلن بشكل متسارع.
وتتغذى حالة الاحتقان هذه بما تفجر مؤخرا من ملفات مرتبطة بتضارب المصالح داخل قطاعات حكومية، أبرزها صفقات الأدوية التي استفادت منها شركات مرتبطة بعضو في الحكومة ينتمي إلى حزب رئيسها، الى جانب التسريبات المنسوبة للجنة الاخلاقيات بالمجلس الوطني للصحافة، والتي ساهمت في اتساع دائرة التأويل حول نفوذ المصالح والولاءات داخل المشهد المؤسساتي.
ويرى محللون ان الجلسة الحالية، التي كان يفترض ان تشكل مناسبة لإبراز وحدة الرؤية الحكومية حول العدالة المجالية، تحولت الى عنوان رمزي على ان شعرة معاوية داخل الائتلاف قد تفك في الايام المقبلة، في ظل غياب الثقة وتزايد الاحتقان وتراجع آليات التنسيق السياسي.
وتزداد الاسئلة حول قدرة الحكومة على الاستمرار بصيغتها الحالية، خاصة في ظل تسارع التطورات وارتفاع الضغط الاجتماعي، وتنامي مؤشرات الاصطفاف المبكر نحو حسابات ما قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.






