من الدعوة إلى التهكم.. الشرايبي يثير موجة غضب في مراكش بعد تطاوله على خطباء الجمعة

لم تمر خطبة الجمعة الأخيرة بمراكش دون أن يثير يونس الشرايبي المعروف بنشاطه المكثف على منصات التواصل الاجتماعي موجة جديدة من الجدل، بعد أن نشر مقطع فيديو تهكم فيه على أحد خطباء المدينة عقب خروجه من أحد المساجد، في سلوك وصفه كثيرون باللامسؤول والمسيء ويعكس استخفافا بمقام خطبة الجمعة ومكانتها في المنظومة الدينية الرسمية.
الشرايبي الذي يقدم نفسه تارة كطبيب أسنان وتارة أخرى كواعظ وداعية ومؤثر ومدرب في التنمية الذاتية، خرج هذه المرة لينتقد أسلوب أحد الخطباء لأنه لم يستخدم السرد القصصي في خطبته، متناسيا كل الآداب التي أوصى بها الإسلام في تقديم النصيحة، وضاربا عرض الحائط بتوجيهات النبي التي تحث على اللين والستر والنية الصادقة في النصح.
ما أثار حفيظة عدد كبير من الخطباء والأئمة ليس فقط ما تضمنه الفيديو من تجريح واستهزاء صريح، بل كذلك توقيت ومحتوى المقطع الذي رآه البعض جزءا من حملة تسويقية مموهة، خصوصا وأن ظهوره تزامن مع مشاركته في نشاط إشهاري يخص وحدة صناعية بالمدينة الحمراء. وهو ما جعل الكثيرين يربطون خرجة الشرايبي بتوظيف مكشوف للخطاب الديني من أجل خلق مادة مثيرة تستقطب التفاعل وتحقق انتشارا واسعا على الشبكات الاجتماعية.
وصفه البعض بأنه لوم علني غير مؤسس، بينما اعتبره آخرون إساءة صريحة لرمزية المنبر وخطباء الجمعة الذين يخضعون لتكوين وتأطير رسمي من المؤسسة الدينية، ولا يقبل بأي حال من الأحوال التشكيك في كفاءتهم أو النيل من هيبتهم، خصوصا إذا كان السياق موجها لأغراض دعائية أو مموها بخلفية تجارية.
مسيرة الشرايبي الرقمية باتت تثير تساؤلات عميقة، بعد أن تحولت صفحاته إلى فضاءات هجينة تجمع بين الدعوة والتسويق، والإرشاد والإعلان، حيث لا يتردد في الجمع بين آيات قرآنية وأحاديث نبوية وبين عروض تجميل الأسنان وإشهارات دورات تكوينية تقام أحيانا خارج المغرب بتأشيرة سياحية، مما يطرح علامات استفهام حول المسؤولية الأخلاقية لهذا المحتوى وحدود الرقابة القانونية عليه.
وإزاء هذا الوضع، ينتظر أن تبادر الجهات المعنية سواء الدينية أو المهنية إلى النظر في هذه التصريحات الخارجة عن السياق، والتي أعادت إلى الواجهة النقاش حول استغلال الدين لتحقيق مكاسب ربحية وخلط غير مشروع بين الرسالة الدعوية والمادة التجارية.