
احتضن مجلس المستشارين ندوة وطنية رفيعة المستوى تحت شعار “البرلمان المغربي وقضية الصحراء: نحو دبلوماسية موازية ناجعة وترافع مؤسساتي فعال”، حيث ألقى لحسن حداد، رئيس المجموعة الموضوعاتية حول القضية الوطنية، كلمة مؤثرة أبرز فيها أهمية هذه المحطة في ترسيخ الإجماع الوطني وتوجيه العمل المؤسساتي في اتجاه استراتيجي يخدم القضية الوطنية الأولى.
وأكد حداد أن قضية الصحراء المغربية تجاوزت الطابع الإجرائي لتُصبح نموذجًا لرؤية سيادية متكاملة، تستند إلى الشرعية التاريخية، والانخراط المجتمعي، والنضج المؤسساتي، والحكمة الدبلوماسية. وأضاف أن التغيرات الجيوسياسية الأخيرة من أبرزها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وافتتاح عشرات القنصليات في العيون والداخلة، تمثل إشارات قوية على ترسخ مبادرة الحكم الذاتي كحل مرجعي وواقعي يحظى بدعم المجتمع الدولي.
وأشار حداد إلى التصريحات الحاسمة الصادرة عن كبار المسؤولين الدوليين، وفي مقدمتهم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللذان عبّرا بوضوح عن دعم سيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يعكس تحولاً جذريًا في المواقف الدولية، خاصة من طرف القوى الاستعمارية السابقة.
وفي السياق نفسه، ثمّن المتحدث مواقف إسبانيا وعدد من الدول الأوروبية، معتبرًا أن هذه التحولات تشكّل انتصارًا سياسيًا ودبلوماسيًا للرؤية المغربية، كما تعزز من موقع المملكة كفاعل استراتيجي إقليمي. وأشاد بالدور الريادي للدبلوماسية الرسمية، التي تشتغل بقيادة الملك محمد السادس، مؤكدًا على نجاحها في تحويل ملف الصحراء من نزاع إقليمي إلى قضية تحظى بدعم واسع دوليًا.
ولم يغفل حداد الإشادة بالدور الكبير الذي يلعبه المنتخبون في الأقاليم الجنوبية، والذين يمثلون الإرادة الشعبية والمشروعية الديمقراطية، مما يعكس اندماج الأقاليم الصحراوية في الدينامية الوطنية المؤسساتية.
كما تطرق إلى أهمية المبادرة الملكية الأخيرة لتمكين الدول الساحلية من منفذ على المحيط الأطلسي، معتبرًا إياها رافعة استراتيجية تجعل من الصحراء المغربية محورًا للتكامل الإفريقي ومركزًا للاستثمار والتعاون جنوب-جنوب.
في جانب آخر، شدد حداد على ضرورة تعزيز الجبهة الإعلامية والمعرفية، داعيًا إلى نشر أبحاث رصينة بعدة لغات تخاطب مراكز الفكر ووسائل الإعلام الدولية، وتُفند السرديات المغلوطة، خاصة في مناطق لا تزال تحت تأثير الدعاية الانفصالية.
كما أشار إلى الدور المحوري للدبلوماسية البرلمانية والمجتمع المدني والجاليات المغربية بالخارج، مؤكدًا على ضرورة تسليح هذه الجبهات بالمعرفة الدقيقة والأدلة القانونية والرسائل التواصلية الفعالة لمواجهة التحديات الجديدة.
وختم كلمته بالدعوة إلى استثمار هذه الندوة كمنطلق لتفكير جماعي مسؤول، يهدف إلى بناء استراتيجية مستدامة تُترجم التعبئة الوطنية إلى أفعال ميدانية ومبادرات مؤثرة، مؤكداً أن المعركة اليوم هي معركة سردية وإقناع واستباق، يقودها المغرب بثقة تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس.







