العثور على متشرد مشنوقا بحديقة « الزنبوع » يعرّي واقع الإهمال والفساد التي تمارسه مؤسسة العمران في قلب مراكش

العثور على متشرد مشنوقا بحديقة « الزنبوع » يعرّي واقع الإهمال والفساد التي تمارسه مؤسسة العمران في قلب مراكش

شهدت مدينة مراكش، صباح اليوم الإثنين 05 ماي، حادثة مأساوية تمثلت في العثور على جثة شخص في وضعية تشرد، مشنوقا داخل حديقة « الزنبوع »، المشهورة ب  » جردة مردوخ  » المجاورة لمقبرة الإمام السهيلي، وعلى مقربة من الإقامة الملكية، في مشهد يفضح حجم الإهمال والتسيب الذي تعانيه هذه الحديقة، رغم موقعها الاستراتيجي الحساس.

الضحية، الذي كان يعيش في ظروف اجتماعية مزرية، لم يكن سوى إحدى ضحايا فضاء عام تحوّل منذ سنوات إلى ملاذ للمنحرفين والمتشردين، في غياب تام لأي مراقبة أو تدخل من السلطات المختصة. ورغم أن الحديقة تقع على مرمى حجر من أحد أهم الفضاءات التي تحتضن كبريات المؤتمرات الدولية، كـ »معرض جيتكس أفريقيا »، الذي استقطب مؤخرا وفودا من مختلف بقاع العالم، إلا أن وضعها البيئي والمعماري يظل كارثيا، إذ تستقبل الزوار بمنظر بشع و بروائح كريهة ناتجة عن التبول والتغوط العشوائي، ما يسيء لصورة المدينة ولسمعتها السياحية.

ولم يعد خافيا على أي مارٍّ أو سائح أو حتى مواطن مراكشي أنّ هذه الحديقة تمثل « نقطة سوداء » في قلب المدينة، تفضح التناقض الصارخ بين مشاريع التهيئة المتواصلة من جهة، والتهميش الذي يطال هذا الفضاء من جهة أخرى. فكيف يعقل أن توجد هذه الحديقة المتعفنة بجوار فضاء « المشور السعيد » الذي يعج يوميا بسياح مغاربة وأحانب؟

تُوجَّه أصابع الاتهام مجددا إلى مؤسسة « العمران »، التي كانت المفترض أن تشرف على تأهيل عدد من المشاريع والفضاءات العمومية بالمدينة. غير أن واقع الحال يكشف أن المؤسسة، بدل أن تساهم في تنمية المجال، تحوّلت إلى مصدر لأزمات عمرانية خانقة، بعد أن تخلت عن أدوارها التي انيطت بها وخصًصت لها ميزانيات مهمة من أموال دافعي الضرائب .

 

وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة العمران شهدت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الإعفاءات في صفوف عدد من مسؤوليها بمراكش، لكن دون أن تظهر نتائج ملموسة على أرض الواقع، أو أن تُعلن للرأي العام نتائج التحقيقات الداخلية المرتبطة بتدبير مشاريع كبرى. الأسوأ من ذلك، أن عددا من المسؤولين المعفيين تحوّلوا إلى موردين للمؤسسة نفسها، في تناقض صارخ مع مبادئ الشفافية والمساءلة.

وتتوالى الأسئلة حول مصير عشرات المشاريع المتعثرة، والازراش داخل المدينة العتيقة التي تحوّلت إلى فضاءات مهجورة وعشوائية، تُهدَر فيها ميزانيات ضخمة دون أثر، وتُترك عرضة للعنف والتشرد، كما وقع في حديقة « الزنبوع » صباح اليوم.

هذه الحادثة الدامية تعيد إلى الواجهة الحاجة الملحة إلى فتح تحقيق معمق وجاد حول تدهور الوضع البيئي والعمراني بعدد من الفضاءات بمراكش، وتحديد المسؤوليات بكل وضوح، ومساءلة المتورطين في هذا التسيب، حماية لصورة المدينة، وصونا للحق العام.

اخر الأخبار :