الركاب يُشْوَوْنَ على نارٍ هادئة… بينما المغرب يحلم بـTGV ثاني!

الركاب يُشْوَوْنَ على نارٍ هادئة… بينما المغرب يحلم بـTGV ثاني!

على بعد أيام قليلة من تدشين جلالة الملك محمد السادس انطلاقة أشغال إنجاز مشروع التيجيفي القنيطرة-مراكش، يواصل المغرب التحضير لمستقبل النقل السككي في محاولة لمواكبة العصر. ومع ذلك، في الوقت الذي يُستقبل فيه المشروع الجديد بآمال كبيرة، يبقى الواقع اليومي لركاب القطارات في المغرب بعيدًا عن هذه الصورة المستقبلية.

في بلدٍ يُهيّئ نفسه لاستقبال كأس العالم كما لو أنه يُعدّ صالونًا فخمًا للضيوف، ينسى المسؤولون أن الدرجة الثانية في القطارات المغربية قد تحولت إلى أفران متنقلة، لا تليق بالمواطنين دافعي الضرائب. وفي قطار المكتب الوطني للسكك الحديدية الذي يربط بين مراكش وفاس، تصبح الحرارة في الدرجة الثانية تجربة حسية صعبة: الروائح، العرق، وتأمل الوجوه المتصببة. كأنك في بثٍ مباشر لبرنامج واقعي عنوانه « من يصمد أكثر داخل الفرن؟ »

ورغم الجهود المعلنة ل »تحسين جودة الخدمات »، يبدو أن مكيفات الهواء لا تدخل ضمن تعريف « الخدمة » عند الـONCF، إلا إذا كنت من نخبة الدرجة الأولى. هناك فقط – وهناك فقط – يمكنك أن تشعر بأنك كائن بشري له الحق في التنفس دون أن يغلي دمه.

يتساءل الركاب، وهم يلوّحون بمراوح ورقية كما لو كانوا في زمن ما قبل المكيّف: هل هي مؤامرة تبريدية؟ هل هي صدفة بريئة أن يكون تكييف الدرجة الثانية معطّلًا دائمًا؟ أم أن المكتب الوطني للسكك الحديدية قد وجد طريقة مبتكرة لتحويل العذاب إلى استراتيجية تسويقية؟ فببساطة، عندما تُشوى من الحرارة في الدرجة الثانية، ستُجبر نفسك على دفع ثمن التذكرة الأولى، ليس لأنك غني، بل لأنك تريد أن تعيش.

بعض الركاب يقترحون، بسخرية لاذعة، أن يضيف الـONCF بندًا جديدًا إلى التذكرة: « مقعد مع تكييف: زائد 30 درهم. مقعد دون تكييف: مجاني، مع خطر فقدان الوعي. »

وفي الوقت الذي يستعد فيه المغرب لاستقبال قطارات فائقة السرعة تضاف إلى أسطول النقل السككي، يتساءل بعض الركاب: هل يمكننا فعلاً أن نطير بسرعة 300 كلم في الساعة، ونحن غير قادرين على توفير هواء بارد في مقصورة تسير بسرعة 90؟ هل هو « مغرب بسرعتين »؟ واحدة للصور الرسمية، والأخرى لعرق المواطنين؟

بين شكاوى الركاب، وتجاهل المسؤولين، يبدو أن حرارة القطارات ليست فقط طبيعية… بل سياسة. »

اخر الأخبار :