
شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة التابعة لجامعة القاضي عياض فعاليات حفل تكريمي لخمسة أسماء فكرية عربية وإفريقية وذلك على هامش المؤتمر الدولي حول “التكنولوجيا الرقمية: صون الهوية والثقافة الوطنية” ، وتم هذا التكريم بشراكة مع مؤسسة كش بريس الإعلامية وبحضور نخبة من الأساتذة والباحثين ومشاركة واسعة لطلبة الجامعة.

وشمل التكريم كلا من المفكر والأكاديمي العراقي د. عبد الحسين شعبان و المفكر والإعلامي السوري د. صبحي حديدي و المحامي البريطاني من أصول أفغانية د. مالك منصور و رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بأفريقيا د. حسب الله مهدي فضلة من تشاد و المحامي والأكاديمي المغربي د. محمد حركات.

ويأتي هذا التكريم اعترافا بمساهمات المكرمين في تعزيز الفكر العربي والدولي ودفاعهم عن قيم الحرية والسلام والعدالة.
وانعقد المؤتمر ما بين 21 و23 نونبر بمشاركة خبراء وأكاديميين من عدد من الدول من بينها المغرب وتركيا ومصر وموريتانيا وتونس وتشاد وسوريا والعراق ، حيث تضمن برنامج المؤتمر ندوات وورشات وحلقات نقاش وتوقيع مؤلفات وافتتح بكلمات لكل من د. مصطفى غلمان رئيس مؤسسة كش بريس ومدير مركز عناية ود. محمد الغالي و عميد الكلية.
وتناول المشاركون مجموعة واسعة من الإشكالات المرتبطة بالتحول الرقمي منها الحكامة الرقمية الطغيان الرقمي القانون والذكاء الاصطناعي التعليم الهوية الثقافية والرقمية و الإعلام و المحاماة والعدالة ، إضافة إلى مواضيع تتعلق بالتراث والخطاب الرقمي والفن وصراع المعنى والدين في زمن التحولات التقنية
وخلال مشاركته، شدد المفكر العراقي د. عبد الحسين شعبان على أهمية أن تدرس البلدان العربية ودول الجنوب مخاطر توظيف الذكاء الاصطناعي من قبل القوى المتحكمة في التكنولوجيا، معتبرا أن هذا المجال يمثل “ثورة تفوق كل ما سبقها” ، وأبرز في مداخلته أن الذكاء الاصطناعي يشكل تتويجا لمسار طويل من الاكتشافات الكبرى مشيرا إلى قدرته الهائلة على التأثير في نصف سكان العالم في لمح البصر.
وتوقف شعبان عند الجذور التاريخية للذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن الفضل يعود إلى العالم الخوارزمي الذي وضع الأساس الرياضي للوغاريتمات قبل أكثر من ألف عام، قبل أن توظف هذه المبادئ لاحقا في فك شيفرات الجيش النازي في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية على يد ألين تورينغ وصولا إلى الثورة الرقمية المعاصرة.
وحذر المتحدث من مخاطر الاستخدامات غير المنضبطة للتكنولوجيا خصوصا في مجالات الحروب، وتطوير الأسلحة المحظورة ونشر خطاب الكراهية والتلاعب بالمعلومات وتهديد الأمن الوطني.
وفي المقابل، أكد على الفوائد الكبرى للذكاء الاصطناعي إذا خضع لأطر قانونية وأخلاقية صارمة خاصة في مجالات الصحة والإنذار المبكر المناخي والتعليم والزراعة والصناعة وتحسين جودة الحياة.
ودعا شعبان إلى بناء “مدونات وطنية ودولية” لتنظيم هذا المجال وإقامة تحالفات بين دول الجنوب لحماية مصالحها في ظل التنافس المتسارع بين القوى الكبرى، مبرزا أن “من يمتلك مفاتيح الذكاء الاصطناعي سيسيطر على العالم”.
واختتم المفكر العراقي كلمته بالتحذير من الاستهانة بقدرات هذه الثورة التقنية مشيرا إلى أن عدم ضبطها قد يجعلها عامل هدم بدل البناء داعيا إلى ضرورة “أنسنة الذكاء الاصطناعي” واحترام الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان.
وخلص المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات أبرزها وضع ميثاق وطني لحماية الهوية الثقافية رقميا وصون اللغات الوطنية والذاكرة المشتركة، إلى جانب إدماج التربية والجامعة في التفكير النقدي المواكب للتحولات الرقمية مع إصلاح الإعلام وربطه بالذكاء الاصطناعي كأداة للتدقيق والتحليل وتعزيز قيم المواطنة ، كما توجهت التوصيات نحو خلق وعي تكنولوجي حديث يضع الإنسان في صلب العملية التنموية.
![]()







