
انطلقت اليوم الجمعة 21 نونبر بمدينة العيون، أشغال الجمعية العامة السنوية العاشرة لشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية بحضور مسؤولين حكوميين ووفود برلمانية من مختلف الدول الإفريقية إلى جانب شخصيات مغربية في إطار نقاش موسع حول سبل تقوية فعالية السياسات العمومية وتطوير آليات التقييم داخل القارة.
واعتبر رئيس الشبكة جيريمي أدوماهو، خلال الجلسة الافتتاحية أن انعقاد هذا الموعد الإفريقي في مدينة العيون يشكل محطة ذات دلالة قوية تعكس حجم المشاركة الإفريقية وروح التعاون التي طبعت العمل المشترك داخل الشبكة مؤكدا أن هذه الأخيرة أصبحت بعد أحد عشر عاما أسرة إفريقية واسعة تسعى إلى الارتقاء بجودة القرار العمومي عبر تعزيز الاعتماد على الأدلة والمعطيات.
وأشار أدوماهو إلى الحضور المكثف للوفود البرلمانية وإلى النقاشات التي عرفتها هذه الدورة مبرزا التطور الذي حققته الشبكة سواء من حيث توسيع العضوية أو حضور البرلمانات الإفريقية في مجالات التقييم إذ تضم اليوم أزيد من 700 برلماني من 29 مؤسسة تشريعية إلى جانب خمسة برلمانات بصفة مؤسساتية مع دينامية ملحوظة داخل الفروع الوطنية الأكثر نشاطا بالكوت ديفوار والكاميرون وزيمبابوي وأوغندا وجنوب إفريقيا وبنين.
وفي سياق حديثه، نوه المسؤول الإفريقي بما وصفه ب”التطور المتدرج” في مسار مأسسة التقييم داخل عدد من التجارب البرلمانية من بينها المغرب والسنغال وأوغندا وغانا وجنوب إفريقيا معتبرا أن هذه الخطوات تؤكد تنامي الوعي بدور التقييم في دعم الشفافية وتعزيز الثقة في المؤسسات.
كما تطرق إلى التحديات التي واجهتها الشبكة وعلى رأسها محدودية الموارد المالية وضعف انخراط بعض البرلمانات وصعوبات تأسيس وتفعيل الفروع الوطنية إلى جانب الحاجة إلى أدوات مشتركة لمأسسة التقييم مشيرا إلى أن الجمعية العامة شرعت في معالجة هذه الإكراهات عبر تقييم خطة العمل وتعديل الأنظمة الداخلية خلال اجتماع بالدار البيضاء.
واعتبر أن هذا الاجتماع، الذي يختتم مسؤوليته على رأس الشبكة يشكل لحظة للإعراب عن الامتنان للجنة التنفيذية المنتهية ولايتها معبرا عن يقينه بقدرة اللجنة الجديدة على مواصلة البناء على المكتسبات وتعزيز حضور الشبكة في السياسات التنموية بالقارة.
وختم رئيس الشبكة بالتأكيد على الدور المحوري لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية ومعهد IDEV في دعم الشبكة منذ تأسيسها موجها شكره للمغرب ممثلا في مجلس المستشارين على ما قدمه من دعم واستقبال مشيدا بالدبلوماسية البرلمانية للمملكة وبالرؤية التنموية للملك محمد السادس.
و من جانبها، أكدت زينب العدوي الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أن ترسيخ ثقافة التقييم داخل المؤسسات الإفريقية يتطلب اليوم تعاونا وثيقا بين البرلمانات والأجهزة العليا للرقابة باعتبارهما ركيزتين للحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأبرزت العدوي أن التجربة المغربية في تفاعل المجلس الأعلى للحسابات مع المؤسسة التشريعية توفر نموذجا يمكن الاستفادة منه إفريقيا خاصة مع تعاظم الحاجة لقراءات تقييمية دقيقة توجه القرار العمومي وتدعم نجاعة البرامج.
كما شددت على ضرورة الارتقاء بالتقييم إلى مستوى أداة استراتيجية قادرة على الاستباق ورصد المخاطر وقياس مردودية البرامج معتبرة أن التقييم لم يعد مجرد آلية للمساءلة بل خيار مؤسساتي لشفافية الحكامة خصوصا مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تشهدها القارة.
ووقفت العدوي على أهمية تطوير مناهج مبتكرة تعتمد على المعطيات الموثوقة وتمكن البرلمانات من رؤية أوضح حول جدوى السياسات مستشهدة بقدرة التقييم على إعادة توجيه الاستراتيجيات التنموية وتتبع البرامج الوطنية والجهوية.
أما نزار بركة، وزير التجهيز والماء فقد أبرز أهمية هذا الموعد القاري بالنظر إلى انعقاده في ظرفية وطنية تجمع بين تخليد محطات تاريخية كبرى والتحولات التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية.
وأوضح بركة أن النموذج التنموي الجديد بالأقاليم الجنوبية الذي انطلق قبل عشر سنوات اعتمد رؤية شمولية مبنية على الاستشراف والتخطيط والتشاركية وأسفر عن نتائج واضحة همت تحسين مستوى العيش وخلق فرص الشغل وتضاعف الناتج الداخلي الخام وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وسجل الوزير أن مؤشرات التنمية بالجهات الجنوبية شهدت تحولات جوهرية مبرزا أن مضاعفة الناتج الداخلي الخام وتراجع الفقر وارتفاع مستوى الدخل يشكل دليلا على نجاعة المشاريع المهيكلة وفي مقدمتها الطريق السريع تزنيت–الداخلة وميناء الداخلة الأطلسي.
وفي محور الماء، شدد بركة على أهمية مشاريع التحلية والسدود في دعم الدينامية الاقتصادية مشيرا إلى محطة تحلية الداخلة كنموذج في الابتكار الطاقي والمائي وإلى المشاريع المبرمجة بباقي الجهات الجنوبية.
وفي السياق ذاته، أكد كريم زيدان الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية أن تنظيم الدورة العاشرة بالعيون يعكس المكانة الإفريقية المتنامية للمدينة ودورها كفضاء للتعاون وتبادل التجارب في الحكامة والتقييم.
وأشار إلى أن المغرب قطع منذ اعتماد دستور 2011 أشواطا مهمة في تحديث المنظومة المؤسساتية سواء عبر تعزيز الالتقائية أو ترسيخ التقييم كأداة لتحسين أثر السياسات.
وأضاف المتحدث أن إصلاح سياسة الاستثمار يشكل نموذجا للعلاقة بين التقييم واتخاذ القرار موضحا أن الميثاق الجديد للاستثمار وفر إطارا محفزا يقوم على خلق فرص الشغل وتقليص الفوارق المجالية وتوجيه الاستثمار نحو القطاعات ذات الأولوية.
كما شدد زيدان على ضرورة تعزيز آليات التفكير الأفقي بين المؤسسات الإفريقية مؤكدا أن تطوير منظومة التقييم يعد رهانا استراتيجيا لتحقيق التكامل الاقتصادي بالقارة.
وباسم وزير الصناعة والتجارة، قال عمر حجيرة كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية إن اختيار العيون لاحتضان هذا الاجتماع يعكس الثقة في الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية تحت القيادة الملكية.
وأشار إلى أن التحولات الدولية الراهنة تفرض على إفريقيا الاندماج في التحالفات الاقتصادية الجديدة مؤكدا أن المغرب انخرط بقوة في هذا التوجه عبر أوراش صناعية واستثمارات كبرى في البنيات التحتية والطاقة واللوجستيك.
وأبرز حجيرة التطور المهم في المبادلات التجارية مع إفريقيا والذي بلغ 49 في المائة خلال العقد الأخير موازاة مع إطلاق برنامج “التجارة الخارجية في خدمة التشغيل والنمو” 2025-2027، الهادف إلى دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتوسيع الأسواق الإفريقية وتحقيق عدالة مجالية في القدرات التصديرية.
وختم المسؤول الحكومي بالتأكيد على أن المغرب سيواصل تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي مشيرا إلى أن احتضان مراكش للنسخة الثانية من منتدى الأعمال لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في دجنبر 2025 سيشكل فرصة لتطوير سلاسل قيمة مشتركة.
كما جدد نزار بركة التأكيد على أن المشاركة الواسعة في هذا الموعد القاري تعكس الدور الذي توليه المملكة للتقييم كأداة داعمة لمسار اتخاذ القرار مشيرا إلى أن النموذج التنموي الجنوبي أصبح مرجعا قاريا في تدبير المشاريع الترابية.
وأشار الوزير إلى أهمية مشاريع الطرق والموانئ والتحلية في رسم ملامح فضاء اقتصادي جديد يربط شمال القارة بجنوبها معتبرا أن انعقاد الملتقى بالعيون يحمل رسالة واضحة حول موقع المدينة كمركز مؤسساتي وتنموي.
وفي الاتجاه نفسه، شدد كريم زيدان في تصريحه على أن التقييم أصبح ركيزة لصناعة القرار العمومي وضمان شفافية الاستثمار مبرزا التجربة المغربية في الالتقائية وتتبع البرامج عبر مؤشرات قابلة للقياس.
وأكد أن التحولات التي تعرفها الأقاليم الجنوبية حولت المنطقة إلى فضاء لاستقبال مقاربات جديدة مرتبطة بالاستثمار والتنمية المستدامة، معتبرا أن نجاح التجربة المغربية في البنيات التحتية والطاقات المتجددة والصناعة البحرية يقدم دروسا مهمة لباقي الدول الإفريقية.
وختم زيدان تصريحه بالتأكيد على أن هذا الملتقى يشكل مناسبة لتعزيز التعاون الإفريقي وتطوير أدوات تقييم مشتركة تدعم دقة القرار العمومي وتخدم المصالح التنموية للقارة.







