
منذ اندلاع أحداث الشغب المؤسفة بمنطقة سيدي يوسف بن علي، وما رافقها من اضطرابات محدودة تمت السيطرة عليها بكفاءة واحترافية من قبل قواتنا العمومية، التي قامت بواجبها الوطني بكل حزم ومسؤولية، وتدخلت بشكل سريع وفعال، والنتائج كانت واضحة منذ اليوم الموالي لذلك اليوم الأسود، حيث تمت السيطرة الكاملة على الوضع، وإعادة الأمن والانضباط والنظام العام إلى الشوارع والأحياء.
واليوم، وبعد مرور أكثر من أسبوع على تلك الليلة المشؤومة، يمكن القول، أن المنطقة تعيش هدوءا تاما واستقرارا ملموسا، الحياة عادت إلى طبيعتها، والمواطنون استأنفوا أنشطتهم اليومية، وكأن ما وقع لم يكن أصلا. ومع ذلك، لا تزال التلاوين الأمنية بمختلف تشكيلاتها مرابطة بساحة المصلى، في مشهد يعطي انطباعا سلبيا بأن المنطقة تعيش على وقع شغب يومي أو حالة طوارئ من الدرجة القصوى، وهو ما يثير القلق في نفوس المواطنين، ويغذي شعورا غير مبرر بالخوف والريبة، ويؤثر على الإحساس الكامل بالطمأنينة والأمن الطبيعيين.
إننا، إذ نوجه كل عبارات الشكر والامتنان والتقدير إلى مختلف الأجهزة الأمنية التي سهرت على حماية الأرواح والممتلكات بهذه المنطقة، من والي أمن مراكش بالنيابة إلى فرقة مكافحة العصابات، وفرقة الدراجين، إلى عناصر الاستعلامات العامة، والمديرية الجهوية لمراقبة التراب الوطني، والمكتب المركزي للأبحاث القضائية، ووحدات التدخل السريع، فإننا ندعو في المقابل إلى تقييم الوضع الميداني بمنطقة سيبع بعين الحكمة والواقعية، وأن يتخذ ما يلزم من قرارات تضمن عودة الحياة الطبيعية بشكل كامل، من خلال تخفيف هذه الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي كانت مبررة في بدايتها، وتقليصها لتكون متواضعة، ظاهرة بشكل طبيعي، لا تثير الريبة ولا تشعر المواطن وكأنه يعيش في منطقة محظورة، مع الإبقاء على المراقبة الاستخباراتية الدقيقة والاستباقية المعتادة.
منطقة سيدي يوسف بن علي اليوم آمنة. وقد كانت الاعتقالات والمتابعات القضائية الصارمة رسالة واضحة وقوية لكل من سولت له نفسه المساس أو العبث بالنظام العام أو التحريض على الفوضى أو العنف. الردع تحقق، والخطر زال، والساكنة أظهرت انضباطا ووعيا كبيرين. والآن أهلها يريدون استعادة الإحساس بالحياة العادية ورؤية شوارعها وساحاتها خالية من مظاهر الطوارئ، وليس العيش وسط مشهد أمني يوحي بأن الخطر لا يزال قائما، فلم يعد من المبرر أن تبقى المنطقة تحت نفس التدابير الأمنية المشددة التي فرضت في ذروة الأحداث، ورفع هذه الترتيبات الأمنية سيشكل خطوة إيجابية ورسالة طمأنة قوية إلى الساكنة، تؤكد أن الدولة واثقة في استقرار المنطقة وفي وعي مواطنيها.
فكما أحسنتم التدخل بحزم، أحسنوا الآن الانسحاب بتقدير. فالأمن الحقيقي ليس في كثافة القوات، بل في ثقة المواطن.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.







