
في ظل التحولات العميقة التي يعرفها المشهد الإعلامي العالمي، تتصاعد في المغرب أصوات تطالب بوقفة صريحة لمناقشة واقع الصحافة والإعلام في البلاد، خصوصا أمام ما بات يوصف بـ”عواصف جيل GenZ212″، التي تعكس تغيّرا جذريا في أنماط التفكير والتعبير والتفاعل داخل المجتمع.
يرى عدد من الفاعلين الحقوقيين والإعلاميين والسياسيين أن الخلل لم يعد محصورا في المؤسسات أو المهنيين فحسب، بل أصبح بنيويا يطال جميع السلط، وفي مقدمتها السلطة الإعلامية التي فقدت بوصلتها المهنية وتعددت داخلها “القبائل” والاتجاهات الثقافية دون إطار موحد أو ميثاق جامع.
ويؤكد هؤلاء أن الإشكال مزدوج: فمن جهة، لا الدولة ولا المجتمع يملكان إلى اليوم منظورا واضحا ولا منظومة متكاملة للصحافة والإعلام قادرة على مواكبة العصر ومواصلة الإصلاح المؤسساتي المنشود. ومن جهة أخرى، يعيش الجسم الإعلامي المغربي حالة من الضعف البنيوي، حيث تهيمن عليه عناوين وشخصيات تفتقر إلى الروابط المهنية والأخلاقية المعمول بها دوليا.
ويحذر المتابعون من أن استمرار غياب الضوابط المهنية المعترف بها عالميا يجعل البلاد ومؤسساتها تعيش في فراغ إعلامي حقيقي، يؤثر على مسار التنمية والديمقراطية، ويضعف ثقة المواطن في الصحافة كسلطة رابعة.
في المقابل، تبرز الحاجة إلى فتح نقاش وطني صريح حول مستقبل الإعلام بالمغرب، يشارك فيه الصحفيون والمهنيون والباحثون والفاعلون السياسيون، من أجل صياغة رؤية جديدة تنسجم مع تحولات العصر وتستعيد مكانة الصحافة كرافعة للتنوير والمساءلة والبناء الديمقراطي.
فالإعلام المغربي، كما يرى العديد من المهتمين، لا يزال ينتظر لحظة التلاؤم مع روح الزمن الجديد ومع مقاصده المؤسسة، لحظة تضع المهنة فوق الحسابات الضيقة وتعيد للصحافة دورها التاريخي في خدمة المجتمع والدولة على حد سواء.







