
مباشرة بعد الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها منطقة سيدي يوسف بن علي، طلعت علينا كائنات خبيثة، شردمة مختصة في ترويج الكذب، أصحاب ألسنة خبيثة، أصوات نشاز لا شغل لها سوى التشويه والافتراء، لتصف أبناء هذا الحي بالأوباش، ولتعيد اجترار أكذوبة تاريخية بالية تزعم أن أبناء حي سيدي يوسف بن علي “أوباش” وهكذا وصفهم المغفور له الراحل الحسن الثاني. فأي منطق سقيم هذا؟ وأي عقول مريضة هذه التي لا تجد ما تبني به حججها سوى تحريف الكلم عن مواضعه، والكذب على رمز هذه الأمة وتحوير خطاباته؟.
لنضع الأمور في نصابها: الحسن الثاني رحمه الله، في خطابه الشهير، لم يذكر قط حي سيدي يوسف بن علي ولم يصف أبناء مراكش عامة ولا هذا الحي العريق خاصة بالأوباش. الرجل كان واضحا وصريحا، تحدث عن الناظور والحسيمة وتطوان والقصر الكبير، وفسر بنفسه من يقصد بالأوباش. أين ورد ذكر حي سيدي يوسف بن علي؟ لا وجود. أين ورد ذكر حي سيبع بالأوباش؟ لا وجود. الخطاب محفوظ وموثق، ولو أراد الملك الراحل قول ذلك لقالها صراحة لأنه كان معروفا بجرأته ووضوحه في الخطاب، ومن يزعم غير ذلك فهو كاذب متعمد أو جاهل بالتاريخ. ونضع بين يدي كل غيور نص هذا الخطاب:
“شافوها في وجهي.. سمعوها فكلامي.. ومن الرنة من الصوت نتاعي.. واش المغاربة رجعو خفاف رجعتوا دراري.. وصلنا لهاد الحد.. بواسطة إما الأطفال أو الأوباش.. الأوباش في الناظور، الحسيمة، تطوان، القصر الكبير، الأوباش العاطلين اللي عايشين بالتهريب والسرقة.. واستعملوا في مراكش، كما هو الشأن عند جميع المشاغبين، استعملوا الدراري الصغار هوما الأولين.. استعملوهم في المظاهرات إيوا أسيدي أنا كنقول لكم دوك الأوباش راهم مشاو للحبس. والدراري خاصهم يعرفوا هاد الطلبة والتلاميذ راهم من أجلهم باش غلات المعيشة .. وكنقول لهاد الدراري الصغار مابقينش يعاودوا يتزاحمو معانا راه الأمر تعطى باش حتى هوما يجري عليهم ما جرى على الكبار.. إذن نكونوا عفاكم متفقين على هاد الشي .. الناس ديال الشمال راهم عارفين ولي العهد وأحسن مايعرفوش الحسن الثاني في هاد الباب يعرفو الحسن الثاني اللي مولفين عليه أما أنا راني كنعرفخم وهوما كيعرفوني.. أهل مراكش كنت قررت نمشي نرتاح في مراكش مبقيتش غادي نمشي تما.. ماشي خوف منهم، خاصهم يرجعو عن غيرهم.. والسلام عليكم ورحمة الله”.
لكن، دعونا نسائل هؤلاء المدعين: إن كنتم تزعمون أن هذا الحي حي الأوباش، فهل يقبل العقل أن يزورهم الملك محمد السادس مرتين؟، هل يقبل المنطق أن يختار أمير المؤمنين أداء صلاة الجمعة بينهم في مسجد النصر سنة 2016، بينما كانت أمامه مساجد مقترحة كبرى من بينها المسجد الأعظم بالقصبة ومسجد الكتبية التاريخي إلى جانب مسجد جنان أوراد؟، أليس في هذا الاختيار رسالة قوية مفادها أن هذا الحي جزء عزيز من جسم الوطن عند ملك البلاد؟، بل أكثر من ذلك، كان مقررا أن يؤدي جلالته صلاة الجمعة بمسجد الخير سنة 2018 لولا ظرف طارئ؟، فهل يؤدي ملك البلاد صلاة الجمعة وسط “الأوباش”؟، وكيف غاب عنكم أن الملك محمد السادس أشرف بنفسه على تدشين مسبح نصف أولمبي مغطى في هذا الحي، ليستفيد أبناؤه؟ أترى هذه أفعال اتجاه “أوباش” أم هي رعاية ملكية لأبناء وطنيين غيورين أوفياء للعرش؟.
ثم، كيف تصفون بالأوباش حيا أنجب مسؤولين كبار في وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، الجيش، الأمن، الاستخبارات، القضاء، لادجيد، ووزارة الداخلية، رجالا بنوا الدولة وخدموا الوطن بوفاء؟، كيف تصفون بالأوباش حيا صلى فيه عبد اللطيف الحموشي، أعلى سلطة أمنية واستخباراتية في المغرب، صلاة الفجر بين أبنائه؟، أليس هذا دليلا آخر على مكانة هذا الحي في قلب مؤسسات الدولة؟، كيف تصفون بالأوباش حيا تمر عبره قوافل الملوك والرؤساء والوفود الدولية في طريقها عبر واحة الحسن الثاني إلى الگولف الملكي أو إلى المنطقة السياحية النخيل؟. كيف وكيف وكيف …
فإذا كان أبناء هذا الحي “أوباش” كما يدعون، فكيف يحكم الملك – بحسب زعمهم – الأوباش؟ أليس في قولهم هذا إساءة بليغة للملكية التي تجسد الوحدة بين العرش والشعب، خاصة أن من يروجون لهذه الأكذوبة يدعون أنهم ملكيون مدافعون عن الوطن، وإن كان الأصح أنهم أناس يتخفون وراء حب مزيف للملك والوطن لتمرير سمومهم وتأجيج الصراعات والاحتجاجات داخل هذا الوطن العظيم.
ختاما، نقول لهؤلاء الخبثاء، كفوا عن تدنيس تاريخ حي كريم، وكفوا عن التلاعب بذكرى ملك عظيم. فحي سيدي يوسف بن علي، كان، ولازال حيا محبا للملك والوطن، وكان أبناءه ولا زالوا دروعا حصينة في وجه كل من تسول له نفسه النيل من وحدة الوطن أو المساس بمقدساته. حي سيدي يوسف بن علي، حي مناضل حي مقاوم، حي أعطى الكثير للوطن، وضحى بأبنائه في سبيل الكرامة والحرية والعدل، حي لم يكن يوما رقما عاديا في تاريخ مراكش، ولا في تاريخ المغرب، حي له جذور ضاربة في الأصالة، وفي الانتماء للوطن، والدين، والعرش، حي لم يكن في يوم من الأيام مرتعا للأوباش، كما يحاول بعض الحاقدين أن يروجوا، بل كان وسيظل خزانا للرجال الأحرار الذين لا يبيعون المواقف ولا يركعون إلا لله.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل والسلام عليكم.







