
إهتزت منطقة سيدي يوسف بن علي على وقع أحداث لا يمكن وصفها إلا بالعار، أحداث شوهت وجه الاحتجاج السلمي، وخلطت بين المطالب المشروعة وبين سلوكيات لا تمت بصلة لأي شكل من أشكال النضال.
ما حدث أمس بمنطقة -سيبا- ليس احتجاجا، ما حدث هو بلطجة صريحة وجريمة منظمة ارتكبها مجرمون ولصوص استباحوا المحلات التجارية ووكالات تحويل الأموال، وسرقوا كل ما وجد أمامهم ثم اختبأوا خلف شعار الاحتجاج السلمي. ما حدث هو خروج عن القانون، هو اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، هو رجم للقوة العمومية، هو تهديد لأمن المواطنين، وكأننا أمام مشاهد حرب، لا أمام احتجاج مدني.
نعم، من حق ما يسمى بجيل Z، بل من حق كل المواطنين، أن يطالبوا بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، من أجل مستقبل أفضل، من أجل تعليم يليق، من أجل فرص عمل، من أجل حياة كريمة، فهذا جوهر الديمقراطية ومفهوم المواطنة. لكن، الحق في الاحتجاج لا يساوي أبدا الحق في التخريب، ولا يمكن أن يتحول الشارع إلى ساحة للفوضى بحجة الغضب أو التهميش، ولا يعطي الحق برجم رجال الأمن، تكسير المحلات، وحرق الممتلكات.
أنا ياسين مهما إبن حي سيدي يوسف بن علي، من حيث المولد والمنشأ، أعرف شوارعها، أعرف ناسها، أعرف تاريخها النضالي. هذه المنطقة كانت دائما منارة للكرامة، منبرا للمطالب العادلة، رمزا للصمود والنضال الشعبي النقي، الذي يقاوم التهميش ويدافع عن حق البسطاء في العيش الكريم. لكن ما وقع أمس لا علاقة له بتلك المدرسة النضالية الأصيلة، إنه انحراف عن المسار، ومحاولة تشويه لصورة منطقة ما زالت تضرب بها الأمثال في الصمود والإصرار. ما حدث أمس لا يمثلنا، لا يمثل أبناء الحي، لا يمثل جيلا يريد التغيير، بل يمثل قلة خارجة عن الصف، قلة يجب أن تعزل، أن تحاسب دون تهاون ودون تسامح، فالتسامح مع هذه الأفعال هو خيانة للنضال الحقيقي، هو طعن في ظهر كل من خرج يوما ليطالب بحقه بكرامة، هو إهانة لتاريخ حي سيدي يوسف بن علي.
إن أعمال التخريب والحرق التي وقعت في منطقة سيدي يوسف بن علي والاعتداء على عناصر القوة العمومية، تعتبر جنايات خطيرة تصل عقوبتها الى عشرين سنة سجنا نافذا، وقد تصل إلى السجن المؤبد إذا اقترنت بظرف الليل كما حدث بالفعل. وبالتالي فإن هؤلاء المجرمين لا يستحقون الشفقة ولا التبرير، بل وجب اعتقالهم ومحاكمتهم حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث باستقرار البلاد وأمن العباد.
ونعيد ونكرر، إننا، أبناء هذه البقعة التي عانت ولازالت من التهميش والحرمان، نقولها بصوت عال:
• نعم للمطالب العادلة، التي تحتج على ارتفاع مؤشرات البطالة والتهميش وانسداد الأفق.
• نعم للاحتجاج السلمي الذي يعبر عن وعي حضاري ومسؤولية جماعية.
• لا للتخريب، لا لرجم القوات العمومية، لا لتهديد أمن الناس وممتلكاتهم.
ويبقى التساؤل قائما حول الدوافع الحقيقية وراء مشاركة شباب من خارج النفوذ الترابي لمنطقة سيدي يوسف بن علي في احتجاجات أمس، خاصة القادمين من أحياء مثل المسيرة، ديور الصابون، الملاح، والداوديات. هذا الحضور اللافت يثير علامات استفهام حول ما إذا كانت هناك تحركات منظمة أو نوايا خفية تهدف إلى تأجيج الوضع داخل هذه المنطقة، التي تعاني أصلا من هشاشة اجتماعية وتراكمات تنموية. فهل الأمر مجرد تضامن عفوي؟ أم أن هناك أطرافا تسعى إلى استغلال الغضب الشعبي لإشعال فتنة أو خلق حالة من الفوضى تخدم أجندات معينة؟.







