
شن الحقوقي محمد الغلوسي هجوما لاذعا على ما وصفه بعملية ممنهجة لإضعاف وتفكيك كل الآليات التي كانت إلى وقت قريب تؤطر الحياة العامة، من أحزاب ونقابات وجمعيات وصحافة، لصالح تمكين المال والنفوذ والريع والاحتكار.
وأكد الغلوسي أن النتيجة كانت كارثية: تعميق الفساد في مختلف مناحي الحياة العامة، وتراجع الكفاءات الوطنية الخلاقة إلى الظل، بينما تصدرت المشهد شخصيات تافهة بالكاد تستطيع تركيب جملة مفيدة. وأضاف أن هذه الوجوه “الكارتونية” احتلت واجهة السياسة والثقافة والإعلام والفن، حتى صار النجاح مرادفا للتسطيح و”التشلهيب”، في محاولة لصناعة قدوة وهمية تُفرض على المجتمع قهرا.
وأشار الغلوسي إلى أن البرلمان والأحزاب ووسائل الإعلام تحولت إلى مؤسسات لإنتاج “المعاطية” وترديد خطاب السلطة بشكل مشوه، مع سب الشعب واحتقاره والنظر إليه بتعالٍ. واعتبر أن من يزعمون خدمة الدولة ما هم إلا بائعو أوهام، تنكشف حقيقتهم عند أول اختبار مرتبط بالغضب الاجتماعي، حيث يفرون من المسؤولية ويتركون مؤسسات الدولة وحدها في مواجهة الشارع، قبل أن يعودوا من جديد إلى الساحة عند هدوء العاصفة.
وشدد الغلوسي على أن الخطر الحقيقي لا يكمن في طموحات الشباب نحو تعليم متطور وصحة جيدة وبيئة نظيفة ومؤسسات قوية تلاحق المفسدين، بل في هؤلاء الذين يختبئون خلف الشعارات الفارغة ويكرسون واقع الفساد والاحتكار.
واختتم بدعوة صريحة إلى إطلاق جيل جديد من الإصلاحات السياسية والدستورية والمؤسساتية، قائلا إن المغرب في أمس الحاجة إلى نخبة ذات مصداقية ونزاهة، تفتح نقاشا عموميا جديا ومسؤولا حول مستقبل الحياة العامة، وتضع حدا لزمن الوجوه الكارتونية لصالح دولة قانون حقيقية وتوزيع عادل للثروة والإنصاف الاجتماعي والمجالي.






