
استعملت القوات العمومية يوم أمس كل وسائل حفظ النظام والأمن العامين بتقديرِ السلطةِ تجاوَزَ ربما سقف التوقع إزاء وقفات لَفْتِ النظر لواقع الصحة والتعليم وقطاعات أخرى يئن تحت وطء شعارات حكومية بلا أثر محسوس يحد من معاناة المواطنين في المستشفيات ومن ضغط الحياة مع الأبناء في المدارس والجامعات ومن عناء الغلاء في الأسواق وضنك المعيشة…

ولم يكن ضروريا كل الاستنفار الذي أعلنته السلطات المغربية عبر الربوع لتجييش قوات الأمن والدرك والقوات المساعدة ومسؤولي الإدارة الترابية، أمام حشود من المواطنين أغلبهم شباب تشبعوا بجيل الحقوق التي بشر بها عهد الملك محمد السادس ورسخها في دستور المملكة ل2011، ويتطلعون لمغرب جديد تشمل فيه مشاريع العمران وتعزيز البنى التحتية وورش التأهيل الحضري، القطاعات الحيوية لتأهيل الإنسان وتعزيز قدرة المواطن للعيش بحرية وكرامة.

وإن الذين يراهنون من عمق نفوس مسكونة بالخوف متشوقة لعهد بائد من سنوات الجمر والرصاص، على كبت كل حراك شعبي وكتم أصوات الآي آي ضمن مشروعية التظاهر السلمي، لَهُمْ مَنْ يلقون الشرارة في الهشيم ويؤججون الفتيل بالنفخ بما في الصدور من ريح الخبث والنظر القصير بعيون المصالح الفئوية الضيقة لطبقات السلطة التي لا يهمها من الوطن سوى قدر ما تجنيه من أرباح ومكاسب.

وفات الذين أمروا بتجييش فيالق القوات العمومية ورجال السلطة مدججين بالمعدات والآليات لمنع التظاهر السلمي والمبادرة باعتقال كل ذي نية لإسماع صوت الأنين في حنجرة بحت من النداء بالإصلاح، أن عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس بنفسه شكا في غير ما مرة وضعية مغرب بسرعتين ونبه إلى “استنزاف النظام التعليمي لطاقات الدولة ولمواهب الفئات الشعبية، ينذر بجعل الرصيد البشري عائقا للتنمية بدل أن يكون قاطرة لها”
فكما ينصت جلالة الملك لشعبه، فإن الشعب المغربي جميعا وراء مليكه سندا ودعما جندا لجلالته…وخروج بعضه يوم أمس تجديد البيعة بالمناداة من أجل تساوق السرعتين في التنمية الشاملة التي تضمن حقوق المواطنين المغاربة متساوين بلا ميز في العلاج والصحة وفي التعليم والتكوين وفي رغد العيش وفي الطمأنينة والسكينة والحياة الكريمة ببلد حر فيه المواطنون أحرار.
وإذا كانت الديموقراطية ممارسة في المغرب واقعية وليست مجرد شعار كجميع شعارات حكومتنا الموقرة زائفة خادعة منمقة مصنوعة بالكذب والبهتان وبلاغة الإفك….فإن التظاهر السلمي والخروج الجماهيري إلى الشارع بلا فوضى كعفوية الفرح في ليالي الانتصارات الكروية التي يخرج فيها ملك وشعب بالإعلام الرفرافة، فإن لزوم العساكر وقوات الأمن ثكناتهم ومواقعهم واجب ولزوم رجال السلطة مكاتبهم أوجب…
أما وأن تبادر السلطات بمباشرة الاعتقال بتقدير النوايا لدى المواطنين في الشارع، ووأد التظاهر من قبل التئام الحشود فإن ذلك من زمن اعتقدنا أنه مضى مع أيام الإيهام أن صوت الحناجر فوهات بنادق في وجه السلطان فيما كان الزند بيد من بيده السوط والله وحده عالم بما في قلبه من خائنة الصدور.
فهل تغير شيء…؟
![]()







