
تصاعدت الدعوات الحقوقية المطالبة بتدخل ملك البلاد، طبقا للفصل 132 من الدستور، لإحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية، في خطوة يعتبرها المدافعون عن حقوق الإنسان ضرورية لحماية الدستور من ممارسات نخبة سياسية توصف بالريعية والفاسدة.
ويؤكد الحقوقي محمد الغلوسي أن الأغلبية الحكومية، التي تسيطر على مختلف مفاصل المؤسسات الدستورية التمثيلية، توظف هذه المؤسسات لخدمة مصالحها الخاصة، بما في ذلك البرلمان، لتمرير قوانين غير دستورية تمس بمبدأ فصل السلط كقاعدة دستورية راسخة.
وأوضح أن الفصل 132 من الدستور يتيح للأغلبية البرلمانية إحالة النصوص القانونية على المحكمة الدستورية للتأكد من مدى مطابقتها للدستور، غير أن هذه الأغلبية، المستفيدة من الامتيازات والريع، ترفض القيام بهذه الخطوة بخصوص مشروع قانون المسطرة الجنائية، خوفا من صدور قرار بعدم دستورية بعض مواده، خاصة المادتين 3 و7 اللتين، حسب تعبيره، تمثلان تكريسا لتغول الفساد والتدخل في شؤون السلطة القضائية والحد من استقلاليتها.
وأشار الغلوسي إلى أن هذه المقتضيات تستهدف تقليص صلاحيات النيابة العامة في مجال السياسة الجنائية المرتبطة بمكافحة جرائم النخبة المتورطة في نهب وتبديد المال العام، معتبرا أن الهدف هو حماية المفسدين وتهيئة المناخ لاستمرار الفساد.
وأضاف أن الامتناع عن تفعيل الفصل 132 من الدستور يعكس انحرافا في ممارسة السلطة وإدارة الظهر لآليات حماية التشريع من العبث السياسي، مؤكدا أن المحكمة الدستورية تمثل “عقل الدولة” وضمانة لسيادة القانون ومنع استغلال السلطة لانتهاك الدستور والمكتسبات الحقوقية.
وفي ظل غياب القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، وانسجاما مع مقتضيات الفصل 133 من الدستور، يرى الغلوسي أن الأمل يبقى معقودا على تدخل ملك البلاد لممارسة صلاحياته الدستورية، وإحالة المشروع على المحكمة الدستورية، حرصا على حماية المؤسسات وتحصين السلطة القضائية من تدخلات تخدم مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة.







