
تحولت إقامة النخيل GP3، التي كانت في ما مضى من أبرز المجمعات السكنية الراقية بمراكش، إلى نموذج صارخ للفوضى والتدهور، بعد أن أصبحت تحت تصرف شخص يدعي صفة “سنديك” رغم صدور حكم نهائي من محكمة الاستئناف ينفي بشكل قاطع شرعيته.


ورغم هذا الحكم القضائي الصريح، لا يزال المعني بالأمر يتصرف كما لو أنه الممثل الشرعي للساكنة، حيث يعرقل كل المحاولات الرامية إلى إعادة هيكلة التسيير الجماعي وفق القانون، في غياب تام لأي رقابة أو مساءلة.

على أرض الواقع، الوضع كارثي بكل المقاييس. المسابح تحولت إلى مستنقعات خضراء آسنة، تشكل خطرا صحيا محدقا، خاصة على الأطفال وكبار السن، إذ أصبحت بيئة خصبة لتكاثر البعوض والحشرات، ما يرفع من احتمالات تفشي أمراض خطيرة كحمى الضنك أو الكوليرا. أما الحدائق المشتركة، فتعاني من الإهمال الشديد، وقد غزتها الأعشاب الضارة، دون سقي أو صيانة، بينما تعاني المرافق الجماعية من التآكل والانهيار التدريجي.

في ظل غياب تام لأي شفافية مالية، يتساءل العديد من الملاك عن مصير مبلغ 170 ألف درهم تم تحصيله من شركة التأمين بعد زلزال شتنبر 2024، والذي كان من المفترض تخصيصه لإصلاح الأضرار الناتجة عن الكارثة الطبيعية. هذا المبلغ سُحب من البنك دون أي إشعار أو تبرير، ولم يتم إنجاز أي إصلاح منذ ذلك الحين، ولم تُعرض أي وثائق أو فواتير أو عروض أسعار تُبرر صرفه. وهو ما يُثير شكوكا كبيرة حول وجود اختلاس محتمل.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح كل من يجرؤ على طرح الأسئلة أو المطالبة بالشفافية يتعرض للترهيب والتهديد، تصل أحيانا إلى متابعته قضائيا بتهم كيدية مثل السب والقذف، في محاولات مكشوفة لإسكات الأصوات المطالبة بالعدالة.

وتزداد المأساة حدة إذا علمنا أن غالبية الملاك هم متقاعدون يعيشون خارج المدينة، ولا يملكون الإمكانيات أو الوقت للدفاع عن حقوقهم. هؤلاء وضعوا ثقتهم في الدولة والقانون، فوجدوا أنفسهم أمام وضع شاذ يعصف باستثماراتهم ويُحطم أحلامهم في سكن هادئ وآمن.

الانعكاسات السلبية لا تقتصر على الإقامة فقط، بل تمتد إلى صورة المدينة ككل، خاصة أن مراكش تُعد من أهم الوجهات السياحية والاستثمارية في المملكة. فالتسيير العشوائي لهذا المجمع السكني الراقي، في تجاهل تام لأحكام القضاء، يُضعف ثقة المستثمرين والزوار، ويُؤثر سلبا على القطاع السياحي وعلى سمعة المغرب كدولة قانون.

ويزداد الأمر خطورة بالنظر إلى السياق الوطني والدولي، حيث يستعد المغرب لتنظيم تظاهرة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال. مناسبة تستدعي أعلى مستويات الحكامة والشفافية، في وقت تقدم فيه إقامة النخيل GP3 نموذجا نقيضا تماما لذلك.

وتبرز الصور المرفقة حجم الإهمال المسجل، و تُظهر حقيقة الحالة المتدهورة للمسابح والحدائق والمرافق العامة داخل الإقامة، كشهادات بصرية دامغة تُوثق الوضع المزري الذي تعيشه الساكنة بشكل يومي.
وفي ظل هذا الوضع، تُوجه مجموعة من الملاّك نداءً مستعجلا إلى السلطات المحلية، والعمالة، والنيابة العامة، ووزارة الداخلية، من أجل التدخل الفوري. إذ لا يُعقل أن تبقى إقامة بأكملها رهينة في يد شخص يفتقر إلى أي صفة قانونية أو شرعية.
وفي تصريح لاحد الساكنة أكد أنه آن الأوان لإعادة الكرامة إلى إقامة النخيل GP3، ووضع حد لهذا التسيب، والعمل على تسيير جماعي شفاف، قانوني، وإنساني يضمن للساكنة حقها في بيئة سليمة وآمنة، ويُعيد لمراكش وللمغرب صورتهما الحقيقية كوجهة راقية تُحترم فيها دولة الحق والقانون.
![]()




