
أعربت وزارة العدل عن ترحيبها بقرار المحكمة الدستورية المتعلق بمشروع القانون رقم 23.02 الخاص بالمسطرة المدنية، معتبرة أن هذا القرار يمثل لحظة مفصلية في مسار ترسيخ دولة القانون وتعزيز الضمانات القانونية داخل المنظومة القضائية الوطنية. وأكدت الوزارة أن القرار يعكس حيوية المؤسسات الدستورية للمملكة ويجسد التفاعل الإيجابي بين السلط في احترام تام لمبدأ فصل السلط وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات، مشيرة إلى أن احترام اختصاصات المحكمة الدستورية واستقلالها يشكل جزءا لا يتجزأ من التزام الوزارة بثوابت دولة الحق.
وأوضحت الوزارة أن إعداد مشروع القانون المذكور مر عبر مسار تشريعي طبعته مقاربة تشاركية واسعة شملت الحكومة والمؤسسة التشريعية ومختلف الفاعلين في مجال العدالة من سلطة قضائية وهيئات مهنية ومنظمات حقوقية، وهو ما أضفى على المشروع زخما تشريعيا غنيا بالتوصيات والملاحظات التي تم التفاعل معها على امتداد مراحل الإعداد. كما جددت الوزارة التزامها بمواصلة العمل داخل إطار الحوار المؤسساتي من أجل تطوير النصوص القانونية بما يواكب التحولات المجتمعية ويرسخ مبادئ الأمن القضائي والشفافية والنجاعة في أداء مرفق العدالة.
وفي تعليقه على القرار، اعتبر وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن الرقابة الدستورية لا تزعج الوزارة بل تعتبرها ضمانة أساسية لدولة القانون، مشيرا إلى أن من يشكك في دور المحكمة الدستورية إنما يشكك في جوهر الديمقراطية نفسها، مؤكدا أن هذا القرار يفتح الباب لنقاش قانوني راق يعزز مشروع الإصلاح داخل المؤسسات وبقوة المؤسسات. وأبرزت الوزارة أن الملاحظات التي تضمنها القرار تشكل قيمة مضافة للعمل التشريعي وتساهم في ترسيخ ثقة المواطنات والمواطنين في العدالة وتعزيز مبادئ الحكامة القضائية الجيدة.
وفي هذا السياق، شددت وزارة العدل على أنها ستتخذ جميع التدابير القانونية والمؤسساتية اللازمة بتنسيق مع مختلف المتدخلين من أجل تكييف المقتضيات القانونية الواردة في المشروع مع ما قضت به المحكمة الدستورية، وذلك في إطار الاستمرارية التشريعية التي تضمن تطوير منظومة العدالة بما يخدم مصالح المتقاضين ويعزز مسار الإصلاح الشامل.
وقد شمل قرار المحكمة الدستورية رقم 255.25 الصادر بتاريخ 4 غشت 2025 عددا من المواد التي اعتبرها غير مطابقة للدستور، من بينها المادة 17 والمادة 84 في فقرتها الرابعة المتعلقة بالتبليغ والتي تتيح إمكانية تسليم التبليغ لأشخاص يبلغون ستة عشر سنة من الساكنين مع المعني بالأمر، وهو ما اعتبر مساسا بضمانات التبليغ العادل، إضافة إلى المواد 90 و107 و364 و288 و339 و408 و410 و624 و628، وذلك بسبب ما تضمنته من مقتضيات تمس مبادئ استقلال السلطة القضائية أو تمنح صلاحيات غير مبررة للسلطة التنفيذية داخل المسار القضائي.
كما قررت المحكمة عدم دستورية عدد من المواد الأخرى التي أحالت على الفقرة محل الطعن في المادة 84، منها المواد 97 و101 و103 و105 و123 و127 و173 و196 و204 و229 و323 و334 و352 و355 و357 و361 و386 و500 و115 و138 و185 و201 و312 و439، بسبب ارتباطها المباشر بنفس المقتضى الذي اعتبر غير مطابق للدستور. وأمرت المحكمة بتبليغ نسخة من قرارها إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب والمستشارين وبنشره في الجريدة الرسمية.
وأكدت وزارة العدل في ختام بلاغها أنها تعتبر هذا القرار لبنة جديدة في مسار الإصلاح المؤسسي والتشريعي وترى فيه فرصة لتعزيز العمل التشاركي من أجل نصوص قانونية أكثر دقة وانسجاما مع الدستور ومبادئ العدالة والحقوق.







