
أصدر القضاء المغربي حكما ابتدائيا يقضي بإدانة موظف شرطة تابع لشرطة الزي بولاية أمن مراكش، بخمس سنوات حبسا نافذا، بعد متابعته في قضية تتعلق بتزويد المسمى “جيراندو” بمعطيات ووقائع غير صحيحة، استعملت في التشهير بأشخاص ومؤسسات، بدوافع شخصية، كيدية وانتقامية، وهي القضية التي كانت جريدة “مراكش الإخبارية” سباقة إلى كشف خيوطها.
غير أن الجانب القانوني رغم أهميته، لا يمنع من فتح نافذة إنسانية نطل منها على حجم المعاناة النفسية والاجتماعية التي خلفها هذا الحكم، ليس فقط على المتهم نفسه، ولكن أيضا على والديه المسنين اللذين انهارا تحت وقع الصدمة، كما على محيطه العائلي القريب.
حيث أن هذا الحكم الصادر، وإن جاء في إطار احترام المساطر القضائية وضمان هيبة القانون، يبقى في نهاية المطاف نتاجا بشريا قابلا للمراجعة والتخفيف، خصوصا إذا ما ثبت خلال المرحلة الاستئنافية أن للمتهم ظروفا شخصية أو اجتماعية أو نفسية دفعت به إلى السقوط في منزلقات قد لا تعكس بالضرورة طبيعته الأخلاقية أو المهنية الحقيقية.
ولا شك أن الجهاز القضائي، الذي أثبت مرارا قدرته على الموازنة بين العدالة والرحمة، يملك من الآليات والصلاحيات ما يسمح له بإعادة تقييم الملف استئنافيا، وإعادة النظر في العقوبة بما يراعي جانب التدرج والإنصاف، مع حفظ حقوق المتضررين ومراعاة الوضعية الاجتماعية لعائلة المتهم. فالعدالة لا تكتمل فقط بإصدار الأحكام، بل تبلغ كمالها عندما تراعي البعد الإنساني للمساءلة، وتمنح فرصا للإصلاح والتصحيح بدل الإقصاء والعقاب القاسي.
وإننا، ومن موقعنا كمنبر إعلامي حر ومسؤول، لا نتدخل في عمل القضاء، ولا نشكك في حيثياته، لكننا نرفع نداء إنسانيا من باب الرأفة بمن انهارا أمام أبواب السجون، لا لذنب اقترفاه، ولكن لأنهما والدين حملا هذا الوطن في قلوبهما، وانتظرا من إبنهما أن يكون سندهما لا عبئا عليهما.






