انتقل إلى المحتوى
مراكش الاخبارية

مراكش الاخبارية

تفاعل بين القارئ و الكاتب و المشاهد

  • الرئيسية
  • سياسة
  • زاوية برلمانية
  • مجتمع
  • اقتصاد
  • حوادث
  • ثقافة وفن
  • رياضةرياضة
  • سفراء
  • خارج الحدود
  • جامع الفنا
  • سياحة
  • مقالات الراي

التخلف التنموي في إقليم شيشاوة مقارنة بأزيلال: قراءة في ضوء خطاب الملك حول مغرب بسرعتين واختلالات تنزيل السياسات العمومية

مراكش الإخبارية 2025-08-04 00:48

 

في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربعه على العرش، قدّم جلالة الملك محمد السادس تشخيصًا صريحًا ومباشرًا لوضع البلاد، مؤكدًا أن “لا مكان اليوم ولا غدًا لمغرب يسير بسرعتين”، في إشارة واضحة إلى التفاوتات المجالية الصارخة التي ما تزال تقسم المغرب إلى مناطق متقدمة تستفيد من النمو والاستثمار، وأخرى تئن تحت وطأة الفقر والهشاشة والإقصاء. وقد أبرز الملك، في نفس السياق، أن التنمية الاقتصادية ومظاهر التقدم الصناعي والبنية التحتية الحديثة، على أهميتها، تفقد قيمتها إذا لم تُترجم إلى أثر ملموس في حياة المواطنين في جميع المناطق، دون تمييز أو تهميش. ولعل من أبرز النماذج التي تجسد هذا التفاوت العميق بين “مغربين”، ما تعرفه أقاليم الهامش، مثل إقليمي شيشاوة وأزيلال، من خصاص بنيوي، وإخفاقات متكررة في تحقيق العدالة المجالية.

يعتبر إقليم شيشاوة من المناطق التي تعاني من مظاهر مركبة للهشاشة، ليس فقط بسبب الفقر متعدد الأبعاد الذي تتجاوز نسبته 23%، ولا بسبب الأمية المتفشية التي تتعدى 67%، بل أيضًا بفعل تدهور الخدمات الاجتماعية، وضعف البنية التحتية، وغياب التوازن في توزيع الاستثمار العمومي. فرغم ما تحقق من مشاريع هنا وهناك، تبقى آثارها هامشية وغير مستدامة، بسبب غياب التخطيط التشاركي، وافتقار البرامج للتنسيق والنجاعة. وتنطبق على الإقليم مضامين ما أشار إليه الملك في خطابه من ضرورة تجاوز “المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية” نحو “مقاربة تنمية مجالية مندمجة”، إذ أن الواقع المحلي يُظهر بشكل جلي أن المشاريع التنموية المنجزة في شيشاوة غالبًا ما جاءت كاستجابات ظرفية، أو تحركات انتخابية موسمية، بدل أن تكون جزءًا من رؤية شمولية تنطلق من الواقع المجالي والاجتماعي وتراعي مبدأ الإنصاف.

ورغم أن الملك أكد بفخر تجاوز المغرب عتبة مؤشر التنمية البشرية، وانتقاله إلى مصاف الدول ذات “التنمية البشرية العالية”، إلا أنه عاد ليؤكد، بوعي عميق، أن هذا التقدم لا يعكس الحقيقة الميدانية في بعض المناطق، خصوصًا القروية، التي لا تزال تعاني من النقص الحاد في الخدمات الأساسية والبنيات التحتية، كما هو الحال في شيشاوة. ويبرز ذلك، على سبيل المثال، في تأخر فتح مستشفى القرب بإمنتانوت، وضعف التغطية الصحية، وسوء تدبير مراكز المستعجلات، في وقت تتزايد فيه معدلات الأمراض، وتنخفض مؤشرات الأمن الصحي، مما يناقض مبدأ الكرامة والعدالة المجالية التي دعا إليها الخطاب الملكي.

أما على المستوى الاقتصادي، فإن ما تعرفه المنطقة من هشاشة في القطاع الفلاحي نتيجة تدهور الموارد المائية، واستمرار الاعتماد على تقنيات تقليدية، يضعف من قدرتها على خلق الثروة أو توفير الأمن الغذائي. ويُسجل هنا فشل مخطط المغرب الأخضر في تحقيق أثر ملموس بالإقليم، بسبب غياب العدالة في توزيع الدعم، وتوجيه الاستثمارات نحو جهات محددة دون مراعاة حاجيات الفلاحين الصغار، وهو ما يلتقي مع انتقادات الخطاب الملكي للإخفاق في تفعيل السياسات التنموية على قاعدة الشمول والتوازن.

وفي المقابل، سجل إقليم أزيلال، رغم تاريخه الطويل في التهميش، تحسنًا نسبيًا في بعض المؤشرات بفضل انخراطه في برامج دعم ترابي، ومبادرات محلية مدعومة من الشركاء الدوليين، كبرامج الطرق القروية والتجهيزات الأساسية، إلا أن ذلك لم يمنع اندلاع مسيرة آيت بوكماز في صيف 2025، حين قرر عشرات المواطنين قطع مسافات طويلة نحو بني ملال احتجاجًا على غياب شروط العيش الكريم. وقد جسدت هذه المسيرة رمزًا لما ورد في خطاب الملك حين قال: “ينبغي أن تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء”. وهو تصريح يلزم المؤسسات بتغيير جذري في منطق تدبير التنمية المجالية.

كما تطرق الخطاب الملكي إلى أهمية “تثمين الخصوصيات المحلية” و”اعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية”، وهي إشارات توحي بإعادة توجيه البوصلة التنموية من المشاريع الكبرى التي تُنفذ من أعلى، نحو أخرى نابعة من حاجيات الساكنة وتُصاغ بشراكة مع الفاعلين المحليين، وهو ما يفتقده بشدة إقليم شيشاوة، حيث تغيب الرؤية الجهوية المندمجة، وتُسيس المشاريع الممولة من صندوق التنمية القروية، في غياب لمعايير واضحة للإنصاف والنجاعة.

لقد أبانت الفوارق بين شيشاوة وأزيلال، رغم تقاربهما من حيث الطبيعة السوسيو-مجالية، عن تأثير التخطيط المحلي، وفعالية الفاعل الترابي، ومدى انسجام المشاريع مع انتظارات الساكنة. فبينما تحقق أزيلال مكاسب متدرجة بفضل تراكمات مؤسساتية وتدخلات مهيكلة، يظل إقليم شيشاوة يعاني من وضع تنموي جامد، يتغذى من تشتت المسؤوليات، وضبابية الرؤية، وغياب التحفيز على الاستثمار، ويصدق عليه ما قاله الملك في خطابه: “تعرفون جيدًا أنني لن أكون راضيًا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم في تحسين ظروف عيش المواطنين في جميع المناطق”.

من هنا، فإن الإنصاف الترابي لم يعد مطلبًا نخبويًا أو شعارًا سياسياً، بل ضرورة وطنية لتأمين التماسك الاجتماعي، واستدامة النموذج التنموي الجديد. فمغرب اليوم بحاجة إلى إرادة حقيقية لتفعيل مبدأ العدالة المجالية، عبر مساءلة البرامج التي أخفقت في تقليص الفوارق، ومحاسبة المتدخلين الذين حوّلوا صناديق التنمية إلى أدوات انتخابية، ووضع الإنسان في قلب السياسات العمومية، فجوهر مضمون خطاب الملك أن لا تنمية بدون عدالة، ولا عدالة بدون إنصاف، ولا إنصاف بدون الاستماع الحقيقي إلى أصوات المواطنين، حيثما وُجدوا.

 

Loading

مراكش الإخبارية
مراكش الإخبارية
Tags: إقليم شيشاوة التخلف التنموي

Post navigation

سابق بين التراخي والتقصير .. قنبلة تعميرية تضع السلطة المحلية بسيدي يوسف بن علي تحت المجهر
التالي طقس معتدل مع بداية الأسبوع بمراكش

قصص ذات صلة

الذكاء الاصطناعي وعالم السياسة… من يحكم من؟
  • مقالات الراي

الذكاء الاصطناعي وعالم السياسة… من يحكم من؟

2025-11-21 14:00
عيد الوحدة : تتويج ملكي لمسار الانتصار الدبلوماسي وحسم نهائي لملف الصحراء المغربية
  • مقالات الراي

عيد الوحدة : تتويج ملكي لمسار الانتصار الدبلوماسي وحسم نهائي لملف الصحراء المغربية

2025-11-07 11:34
التأني الاستراتيجي والدبلوماسية الشاملة  
  • مقالات الراي

التأني الاستراتيجي والدبلوماسية الشاملة  

2025-11-04 15:12
الرابط إلى موقع التجنيد

Recent Posts

  • المنتخب المغربي يتعرف على خصومه في دور مجموعات كأس العالم 2026
  • تنصيب محمد رافع رئيسا جديدا لقسم الشؤون الداخلية
  • اجتماع لتتبع تقدم أشغال إنجاز مشروع خط القطار فائق السرعة القنيطرة-مراكش
  • عمان تفرض التعادل على المغرب وتؤجل سعيه للتأهل إلى ربع نهائي كأس العرب
  • نهاية عهد ألزا بمراكش.. سوبراتور تفوز بصفقة تدبير النقل الحضري

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.
زيارة قناة اليوتيوب

ربما فاتتك اخبار محلية

المنتخب المغربي يتعرف على خصومه في دور مجموعات كأس العالم 2026
  • رياضة

المنتخب المغربي يتعرف على خصومه في دور مجموعات كأس العالم 2026

2025-12-05 20:06
تنصيب محمد رافع رئيسا جديدا لقسم الشؤون الداخلية
  • محلية

تنصيب محمد رافع رئيسا جديدا لقسم الشؤون الداخلية

2025-12-05 18:51
اجتماع لتتبع تقدم أشغال إنجاز مشروع خط القطار فائق السرعة القنيطرة-مراكش
  • محلية

اجتماع لتتبع تقدم أشغال إنجاز مشروع خط القطار فائق السرعة القنيطرة-مراكش

2025-12-05 18:27
عمان تفرض التعادل على المغرب وتؤجل سعيه للتأهل إلى ربع نهائي كأس العرب
  • رياضة

عمان تفرض التعادل على المغرب وتؤجل سعيه للتأهل إلى ربع نهائي كأس العرب

2025-12-05 17:51

الإيواء : ESBW

© 2025 Marrakech7 — جميع الحقوق محفوظة. | DarkNews بواسطة AF themes.