
صادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، في اجتماع ماراثوني امتد حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، على مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وذلك بعد مناقشات مستفيضة شملت التعديلات المقترحة من طرف فرق الأغلبية والمعارضة، إلى جانب تدخلات فردية أبرزها للبرلمانية فاطمة التامني.
الاجتماع، الذي ترأسه الوزير المكلف بالقطاع محمد المهدي بنسعيد، شهد موافقة 18 نائباً ومعارضة 7 دون أي امتناع عن التصويت، ما يعكس حدة النقاشات التي دارت حول عدد من المواد المثيرة للجدل داخل النص القانوني.
من أبرز المستجدات التي وافق عليها النواب التعديل المشترك لفرق الأغلبية والمعارضة القاضي بحذف عقوبة توقيف الصحيفة أو الصحيفة الإلكترونية لمدة لا تتجاوز 30 يوما، والتي كانت منصوصا عليها في الفقرة الخامسة من المادة 89. وبذلك تم حذف هذه الفقرة بشكل نهائي، ليتم تعويضها بعقوبات مالية، وهو ما لقي تفاعلاً إيجابياً من الوزير.
وفي تفاصيل أشمل، صوت أعضاء اللجنة بالأغلبية على الباب الأول من المشروع الذي يعيد تنظيم هيكلة المجلس الوطني للصحافة، كما تم رفض مقترح الفريق الاشتراكي الرامي إلى إدراج تعريف الانتماء النقابي للصحافي المهني ضمن القانون. التعديل الذي سيعرض لاحقاً في جلسة عامة للنقاش.
وبخصوص التعديل الذي تقدم به الفريق الاستقلالي حول تمكين المجلس من استقلال إداري، فقد نال موافقة بالإجماع، مما يعزز استقلالية المؤسسة عن السلطة التنفيذية.
أما في الباب الثاني المتعلق بمهام المجلس الوطني، فقد تواصل النقاش الساخن، حيث تم التصويت عليه بموافقة 18 عضواً واعتراض 7، وتم رفض مقترح الفريق الاشتراكي القاضي باستبعاد الحكماء من فئة الناشرين في المادة الخامسة، إضافة إلى رفض تعديل المعارضة المطالب بإلغاء صفة “الانتداب” للناشرين ضمن المشروع.
وفي هذا السياق، أوضح الوزير بنسعيد أن الصيغة التي قدمتها اللجنة المؤقتة هي الوحيدة التي يعتمدها، رافضاً التدخل فيها، معتبراً أن “منطق الترضيات سيُعيد الأمور إلى البلوكاج”، وشدد على أنه “لا يمكن إرضاء الجميع في تشكيل المجلس الوطني للصحافة”.
من جهة أخرى، أثارت المادة 5 نقاشاً واسعاً باعتبارها من أكثر المواد التي قدمت بشأنها تعديلات من قبل فرق المعارضة، غير أن أغلبيتها لم تُقبل، ما يعكس تمسك الحكومة بالتصور العام للمجلس.
ومن القضايا التي أثارت انتقادات عدد من المهنيين، هو أن مشروع القانون، من أوله إلى آخره، يكرّس احتكار “المنظمة المهنية الأكثر تمثيلية” لكل ما يتعلق بالانتداب والعضوية داخل المجلس واللجان، في حين لم تُشر باقي مواد المشروع لأي تنظيم مهني آخر إلا في المادة 81، المتعلقة بحق تقديم الشكايات إلى رئيس المجلس. وهو ما اعتُبر تقزيماً لأدوار باقي التنظيمات المهنية، ومنحاً حصرياً لصلاحيات واسعة لكيان واحد، رغم وجود تعددية تنظيمية داخل المشهد الإعلامي.
يُشار إلى أن هذا المشروع حسب الحكومة يندرج في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى إصلاح قطاع الصحافة والنشر، وتكريس التنظيم الذاتي كضمانة لحرية التعبير، انسجاما مع مقتضيات دستور 2011، كما أكّد الوزير بنسعيد خلال الاجتماع، حين شدد على أن “التنظيم الذاتي هو السبيل الوحيد لحماية الصحافيين والمجتمع من الممارسات غير الأخلاقية والنشر الكاذب”






