
في رسالة مفتوحة مؤثرة، أطلقت الفاعلة السياحية بمدينة مراكش، إيمان رميلي، نداءً صريحًا من قلب المدينة الحمراء، معبرة عن غضب عارم ويأس متزايد إزاء الوضع المتدهور الذي تعيشه المدينة، التي كانت حتى عهد قريب قبلة للسياحة العالمية ونموذجًا للحياة الهادئة والنظيفة.
رميلي، التي أكدت أن رسالتها خالية من أي حسابات سياسية، شددت على أن ما يجري في مراكش اليوم لا يمكن وصفه سوى بعملية “مقايضة” حقيقية لمدينة أصبحت في نظر البعض مجرد منتج قابل للبيع والتجزئة والاستهلاك، فيما يُقابل أصحاب المشاريع الجادة والمبادرات النزيهة بالتجاهل واللامبالاة.
وأبرزت الفاعلة السياحية أن مراكش أصبحت ضحية لصورتها التسويقية أكثر من كونها مستفيدة منها، حيث تُطرح المشاريع الكبرى وتتحدث الجهات عن تحرير العقارات وجلب الاستثمارات، بينما الواقع على الأرض يكشف هشاشة البنية التحتية وتدهور الخدمات، من شوارع محفرة وخطيرة إلى أحياء تغيب عنها أبسط شروط النظافة والسلامة.
الأسر المراكشية، كما تصف رميلي، أصبحت تائهة في مدينة لا توفر فضاءات لائقة للأطفال، ولا مناطق خضراء ترقى إلى تطلعات الساكنة، مشيرة إلى أن الأسر باتت تبحث عن متنفسات خارج المدينة، في وجهات كبرى مثل الدار البيضاء أو الرباط أو طنجة، بعد أن كانت مراكش في الماضي ملاذًا للراحة والاستجمام.
وما يزيد من قتامة المشهد، بحسب صاحبة الرسالة، هو الإحساس المتكرر بالعجز والخذلان، حيث تُكتب مثل هذه الرسائل سنويًا، وتلقى تفاعلًا على منصات التواصل الاجتماعي، ثم يدخل الجميع في صمت ونسيان، في وقت تتدهور فيه الأوضاع بشكل مطرد، لدرجة باتت معها المدينة تغوص أعمق فأعمق في الفراغ والتهميش.
رميلي لم تُخفِ استياءها من محاولات إسكات الأصوات الناقدة تحت ذريعة الحفاظ على صورة المدينة أمام السياح، متسائلة إن كان حب المدينة والدفاع عنها أصبحا فعل خيانة، وإن كان الانتقاد الهادف مدعاة للوصم والتخوين.
وفي ختام رسالتها، وجهت نداءً صريحًا إلى المسؤولين في أعلى دوائر القرار، من أجل النزول إلى أرض الواقع، والاستماع إلى صوت المدينة وسكانها، بعيدًا عن الخطابات الرسمية والزيارات البروتوكولية، مؤكدة أن مراكش لا تحتاج إلى مزيد من التلميع، بل إلى تعبئة حقيقية، صادقة، جماعية وشجاعة، تعيد للمدينة كرامتها وجمالها وجودة الحياة التي تستحقها.
“مراكش لا تحتاج إلى البريق، بل تحتاج إلى الاحترام”… بهذه الجملة ختمت إيمان رميلي رسالتها، التي تحولت في ظرف وجيز إلى حديث منصات التواصل، وجرس إنذار جديد يُدق في وجه الإهمال المستمر لمدينة شكلت، لعقود، قلب السياحة المغربية النابض.







