
لم يكن اللهب والدخان الذي أكد أن القسم الداخلي لثانوية عودة السعدية أشبه بسقر، سوى حالة استنفار لمصالح الوقاية المدنية ورجال الإطفاء والأمن والسلطات ومسؤولي قطاع التربية الوطنية، لمحاصرة الحرائق وتطويق الوضعية في هذه المؤسسة التعليمية التي لا تطفئ نارها في داخلها كالبركان خراطيم المياه.
فمؤسسة عودة السعدية داخل الأسوار، كانت على مدى العقد الأخير، ملتهبة ومشتعلة تصلي تلميذاتها وبعض أساتذتها وتنضج جلودهم تذيقهم أشد العذاب في ظروف عمل شاقة، والإدارة الوصية في سبات ترقد رقود أهل الكهف في مكاتب وتيرة تنعم في الفيئ والريع.
بل إن مسؤولي الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وفي المصلحة الإقليمية للتربية الوطنية التابعة لها في مراكش، جعلوا أصابعهم في آذانهم عما نما إليهم من الوضعية التربوية والإدارية في هذه المؤسسة بسبب سوء التدبير الإداري والمالي الذي حول الفضاء العام إلى قطاع تجاري خاص مربح يتم فيه جني المكاسب الذاتية على حساب المتعلمات.
وتجاهل هؤلاء المسؤولون لأكثر من عشرة أعوام دأبا، كل الملفات التي وصلت بين أيديهم عن أسلوب الريع التي تدار به ثانوية عودة السعدية التأهيلية في مراكش، باستعمال الغش والتدليس في تواطؤ مفضوح بين عدة أطراف معلومة كتبت عن فضائحها الصحافة الوطنية والمحلية ولكن تم التجاهل حتى اشتعلت الحرائق.
وكانت شرارة حرائق فجر يوم أمس، انطلقت بعقوبات إدارية تنبيهية في حق بعض التربويين المدبرين بهذه المؤسسة وإعفاء المدير السابق، دون تتبع مستمر ومراقبة متواترة لتغيير معالم التصميم المعماري والقيام بإصلاحات مغشوشة وتثبيت سياجات حديدية تسد كل منافذ الإغاثة، إضافة إلى تمديد خيوط التزود بالكهرباء للاستفادة من الاستهلاك الشخصي على حساب المال العام وذلك بلا ضوابط تقنية تؤمن السلامة والأمن ومثل ذلك قنوات الماء الشروب….
وكان القسم الداخلي في كل ذلك، كالبقرة الحلوب باسم نزيلاته تُبرَم الشراكات المحلية والوطنية والدولية لجلب آلاف الدولارات وملايين الدراهم وأطنان العطايا العينية زيادة على ما يدره مقصف المؤسسة وثمار الأغراس وغلال الأشجار في فضاء الثانوية على مساحة 5 هكتارات، يفترض أن تكون ثانوية عودة السعدية داخل الأسوار بأمواله نموذج المؤسسات التعليمية في الجهة والمغرب من حيث الصيانة والتجهيز والفضاء التربوي وأيضا المردودية.
غير أن المديرية الإقليمية كان لها رأي آخر وكان لها نصيب، وقد توصلت بعشرات الرسائل والشكايات في شأن النار تحت الرماد في هذه المؤسسة، بل إنها تمادت إمعانا في إهمال كل شكاية تصلها بترشيح منذَرين من المصالح المركزية لوزارة التربية الوطنية، لجوائز مهمة وتساهلت مع كل ما عبر عنه تلميذات القسم الداخلي لثانوية عودة السعدية في الوقفات الاحتجاجية وفي النشر على مواقع التواصل الاجتماعي وكل موقف شخصي او جماعي للطفلات المراهقات التلميذات المتمدرسات اكتفى المسؤولون فيه بالزيارة الميدانية وتليين الخواطر.
إن ضحايا حريق فجر السبت، لسن بعدد من اختنقن وعدد اللواتي أصبن بالحروق أو الرضوض والكسور، واللواتي ما زلن تحت تأثير صدمة الخوف من الموت في جهنم… إنهن بلا حصر من التلميذات اللاتي هجرن فصول الدراسة بسبب الواقع المزري في القسم الداخلي وبسبب الشطط والعنف وسوء التغذية وانعدام النظافة….وهن مئات يعانين بسبب ذلك من آثار نفسية وأمراض عضوية ومن متلازمات سلوكية تسمى داخلية عودة السعدية….
وهذه نار لا يطفئ جمرها ولا يخمد لهبها ويحصر حممها سوى قرار جريء لجبر الضرر ورفع الظلم والتوبة عن ذلك والسعي للإصلاح بفرض سلطة القانون وحماية المال العام.






