
الساعة تشير إلى الثالثة والنصف بعد الزوال من يومه الخميس 12 يونيو الجاري، داخل مقر قيادة تمصلوحت، وبالظبط بمصلحة جوازات السفر، التي قادني إليها القدر لقضاء غرض إداري ألا وهو تجديد جواز سفري، حيث لفتني السلوك المهني والمشرف والاحترافي الذي تعاملت به موظفة شابة مشرفة على هذه المصلحة، بأسلوب يعكس وجها مشرفا للإدارة المغربية، رغم المرض والتعب الظاهرين على هذه الأخيرة.
إلا أن هذا الانطباع الإيجابي، سرعان ما طغت عليه مشاعر الاستغراب والحيرة والاندهاش، عندما شرعت هذه الموظفة في توجيه أسئلة لشخصي تتعلق بالانتماء السياسي والعرق الديني والطائفي، إلى جانب أسئلة أخرى تتجاوز بكثير طبيعة الخدمة العمومية المتعلقة بجواز السفر، وذلك من أجل تدوينها في استمارة، التي قيل إنها جاءت بتعليمات مباشرة من قائد قيادة تمصلوحت لكل من أراد إيداع ملفه الخاص بالحصول على جواز السفر بهذه القيادة.
ولعل أكثر ما يثير التساؤل، هو جدوى هذا النوع من الأسئلة في إطار خدمة لا تتطلب سوى وثائق رسمية محددة سلفا، كما هو موضح بالموقع الرسمي المخصص لإيداع وتتبع طلبات جوازات السفر بالمغرب (www.passport.ma)، والذي لا يشير من قريب أو بعيد إلى أي استمارة من هذا النوع؟!.
ثم إنه من المعروف أن جمع المعلومات الشخصية والحساسة للمواطنين، يخضع لضوابط قانونية صارمة، خاصة تلك المتعلقة بالمعتقدات الدينية أو الانتماءات السياسية، والتي تعتبر من صميم اختصاصات الأجهزة الإستعلامية-الاستخباراتية، وليس مصلحة إدارية تقدم خدمات عمومية، فهل مثلا ينتظر قائد قيادة تمصلوحت أن يصرح شخص له في هذه الاستمارة بتوجهات الطائفية-المتطرفة، بل سيدلي بمعطيات كاذبة تؤكد أنه سوي فكريا ومحب لوطنه.
ختاما، إن هذا الإجراء الذي سنه قائد قيادة تمصلوحت على المواطنين الراغبين في الحصول على جواز سفر أو تجديده، هو إجراء لا يستند علي أي أسس قانونية، وضرب صارخ لمجهودات المملكة المغربية الرامية إلى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية وتحديث خدماتها، بل ويشكل سابقة خطيرة إن لم يتم تدارك الأمر، وذلك في ظل أن القانون قد رسم معالم واضحة لإجراءات الحصول على الجواز، فلا اجتهاد مع نص، أي أنه لا يمكن بالبتة والمطلق لقائد القيادة إضافة إجراءات غير منصوص عليها في هذا الباب، وأي اجتهاد شخصي قد يفتح الباب أمام تجاوزات لا تحمد عقباها، خصوصا عندما يتقاطع مع المعطيات الشخصية والحريات الفردية التي تكفل الدستور والمواثيق الدولية بحمايتها.
ولكم في واقعة اجتهاد والي جهة مراكش آسفي ونحره لأضحية العيد عبرة يا أولي الألباب إن كنتم تعلمون.






