وسط عاصفة الخلافات داخل الأغلبية، أخنوش يهرب إلى العمرة بحثا عن الهدوء

وسط أجواء سياسية متوترة، وفي ظل تصدعات واضحة داخل التحالف الحكومي، اختار رئيس الحكومة عزيز أخنوش التوجه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة، في خطوة قد تحمل أكثر من دلالة سياسية في هذا التوقيت الحرج.
جاءت هذه الزيارة بعد اجتماع سري لقادة أحزاب الأغلبية ليلة الأربعاء 19 مارس، حيث كان التوتر سيد الموقف على خلفية تصريحات نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، التي وجه فيها انتقادات لاذعة للوضع الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بغلاء الأسعار ودعم استيراد اللحوم. هذه التصريحات وضعت التحالف الحكومي في موقف صعب، ودفعت أخنوش إلى استدعاء بركة والمنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة فاطمة الزهراء المنصوري في اجتماع مغلق غاب عنه باقي قيادات الأحزاب.
تفيد مصادر مطلعة بأن الاجتماع، الذي تزامن مع مأدبة إفطار رمضانية، امتد حتى ساعات متأخرة من الليل، حيث لم يخفِ أخنوش انزعاجه من مواقف بركة، موجها له عتابا مباشرا، بينما دافع هذا الأخير عن تصريحاته باعتبارها جزءا من التنافس السياسي المشروع، نافيا أن تكون دليلا على وجود تصدعات داخل التحالف الحكومي. غير أن هذا التبرير لم يقنع باقي الأطراف، خاصة في ظل تصاعد التوترات بسبب الحسابات الانتخابية المقبلة.
الخلافات لم تقتصر على التصريحات الإعلامية، بل امتدت إلى الجانب المالي، حيث تفجرت نزاعات حول توزيع الميزانيات بين القطاعات الوزارية، وسط اتهامات لبعض الوزراء بتوظيف الموارد الحكومية لأجندات حزبية، خاصة في مجالات الفلاحة، الثقافة والتجهيز. كما شكل نقص التمويل اللازم لخطة التشغيل الجديدة التي يشرف عليها يونس السكوري نقطة خلاف إضافية، حيث عبر حزب الأصالة والمعاصرة عن امتعاضه من عدم تفعيل المشروع بالشكل المطلوب.
وسط كل هذه التوترات، اختار أخنوش السفر إلى السعودية، حيث زار المسجد النبوي في المدينة المنورة، واستُقبل من طرف مسؤولين سعوديين. البعض يرى أن هذه الرحلة تحمل بعدا روحيا شخصيا، في حين يعتقد آخرون أنها قد تكون محاولة للابتعاد مؤقتا عن الضغوط المتزايدة داخل الحكومة، خاصة أن الصراعات الداخلية بدأت تضع التحالف الحكومي على المحك مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.
يبقى السؤال الأهم: هل ستساهم هذه الزيارة في تهدئة الأجواء داخل الأغلبية، أم أن الخلافات ستعود إلى الواجهة بمجرد عودة أخنوش إلى أرض الوطن؟ الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن مدى صلابة هذا التحالف في مواجهة العواصف السياسية والاقتصادية التي تهدده.