تملك القارة الإفريقية مؤهلات وإمكانيات مذهلة تُؤهلها لاحتلال مكانة وازنة في عالم اليوم، وقد شهدت الكثير من دول القارة الافريقية تحولات اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية خلال العقدين الأخيرين، ما أسهم في تحقيق الاستقرار والتداول السلمي على السلطة، ورسم صورة مشرقة عن القارة بعيداً عن تلك الصور النمطية المتصلة بالحروب والأمراض والمجاعات والانقلابات والهجرات، وهو ما كان له الفضل في حُدوث تطور على مستوى تصاعد نسب النمّو الاقتصادي، وتحسّن بيئة الاستثمار وتزايد الاهتمام الدولي بالتعاون مع الدول الافريقية.

وأمام هذه المعطيات التي تُعزز الفرص الاستثمارية لإفريقيا التي أضحت معها قارة المستقبل بامتياز، أضحت الكثير من دول القارة مركز جذب وتنافس بين القوى الدولية والإقليمية الكبرى، حيث اتخذ هذا التنافس أشكالا متباينة؛ تنوّعت بين السبل الناعمة والتدخلات (الخشنة).

ورغم ذلك، ما زالت قارة إفريقيا تواجه العديد من التحديات، سواء تعلّق الأمر منها بالتحديات السياسية والأمنية، أو تنامي الهجرة السّرية، أو تمدّد الإرهاب في بعض البلدان التي تعيش على وقع التوتر والتفتّت والأزمات المتتالية، أو تزايد حدّة التهافت الدولي على هذه القارة العذراء التي تختزن خيرات وإمكانات مختلفة.

وفي هذا السياق، صدر عن دار العرفان للنشر والتوزيع، وبدعم من مؤسسة هانس زايدل الألمانية، مؤلف جماعي تحت عنوان: إفريقيا.. فرص التنمية وتحديات التنافس الدولي، وهو يتضمن سبعة عشر (17) دراسة وبحثا باللغتين العربية والفرنسية ضمن 424 صفحة من الحجم المتوسط. ويأتي هذا العمل الأكاديمي الذي أشرف على تنسيق أوراقه كل من ذ.الحسين شكراني وذ.إدريس لكريني، وشارك فيه 19 باحثا من المغرب وخارجه، في إطار الوقوف على التحولات الكبرى التي شهدتها القارة الإفريقية في مختلف المجالات، لاسيما السياسية والاقتصادية والأمنية منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، ورصد مجمل الإشكالات والتحديات التي ما فتئت تواجه الدول الإفريقية مجتمعة، خاصة ما يتعلّق بالتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تتخبط فيها القارة الافريقية.