قصة قصيرة: حياة والوهم

1068 مشاهدة

قصة قصيرة: حياة والوهم
احتارت (حياة ) وهي تقف أمام المرآة المعلقة خلف الباب الرئيسي للبيت الضيق الذي يأويها صحبة امها وإخوانها الذكور الثلاثة العاطلين على العمل والذين تنسب لهم دوما السبب في ميل حظها بالالتحاق بركب الزواج حتى بعد ان شارفت الأربعين من عمرها بسبب شغبهم و معاركهم التي لا تكاد تنتهي داخل هذا الحي البائس بؤس حالها وحال أسرتها منذ أن رحل عنهم الاب والذي كان يمثل المعيل الوحيد قبل عقدين من الزمن.
احتارت وهي تطوف بعينيها بين أغلفة المساحيق الرخيصة التي لم تستعملها منذ مدة ليست بالقصيرة وكأنها نسيت انها انثى ؛
بدات تضع إصبع احمر الشفاه الفاقع على شفتيها الرقيقتين وهي تردد مقطع لايليسا :
اجمل احساس في الكون انك تعشق بجنون .
وكأنها استفاقت من وهم زائف وقفت أمام المرآة باهتة وهي تسأل نفسها عن أي عشق تمني نفسها فليس بينها وبين من تتهيأ للقاءه بعد نصف ساعة بمقهى ( المنزه ) الغير بعيد عن حيها الا رسائل قصيرة عبر تقنية الواتساب الذي يضع عليه صاحبه صورة قناع ميكي ماوس بدل صورته .
بل والأدهى من ذلك كله انها لم تسمع صوته حتى الآن ؛
ترددت قليلا ثم أكملت وضع المساحيق على وجهها الذابل وسط دهشة امها التي كانت تردد بصوت خافت ممزوج بالسخرية:
(حتى شاب عاد علقو ليه حجاب ) .
توجهت حياة نحو المقهى بعد ان أتمت زينتها بخطوات مرتبكة بسبب كعب الحذاء العال نسبيا والذي لم يتلاءم مع طول قامتها ولا حتى مع ثقتها بنفسها كأنثى مرغوب فيها .
ترى ما شكل هذا الفارس المرتقب الذي يدعي كتابيا (عبر تقنية الواتساب ) انها استحوذت على قلبه ومشاعره منذ أن حل بنفس الحي الذي تقطنه قبل شهر ونيف ؟
كم عمره ؟ ماهو عمله ؟
أسئلة كثيرة تبادرت إلى ذهنها لكنها كانت تقنع نفسها انها ستعرف كل شيء عند لقائهما الأول.
اخيرا كانت امام مقهى (المنزه ) .
وقفت كصبية بلهاء تجول بببصرها وسط زبناء المقهى ونبضات قلبها تكاد تشق صدرها ؛
لم يقم الفارس المجهول من مكانه ليعانقها ويسحبها إلى دنيا ساحرة طالما تمنت ان تعيش بها ولو للحظات كزوجة وام أو حتى كمعشوقة يعيش أحدهم لها ومن اجلها .
وهي تهم بالعودة من حيث اتت حاملة في ثنايا فؤادها خيبة أخرى من خيبات أحلامها وزيف اوهامها شعرت بنقر أصابع على كتفها . التفتت فرحة مرتبكة مما سيقع , لكنها كادت أن تشل بعد ان تبينت ان صاحب النقر ماهو الا (خالد) اخوها الأصغر المدمن الذي أخرج من جيبه هاتفه المحمول وهو يشير بسبابته إلى شاشة هاتفه المضيئة
بالرسائل التي كانت السبب في نفض الغبار عن أنوثتها الدفينة وهو يردد ساخرا :
هادو هما بنات ديورهم اختي حياة، جيت نجربك الساعة مشيتي فيها ؛
لم تتبس ببنت شفة بل توجهت نحو بيتها بخطوات حائرة مرتبكة ، ثم ما لبثت أن نزعت الحذاء العال من قدميها ووضعته داخل حقيبتها السوداء التي لم تستعملها من ازيد من عشر سنوات ثم تابعت سيرها غير حافلة بنظرات المارة الممزوجة حسرة وشفقة ولا بتعليقاتهم الساخرة .فلا شيء لمجتمع عليها حرمها ان تعيش أنوثتها ولو لساعات .

5 commentaires sur “قصة قصيرة: حياة والوهم

  1. 460833 419923i just didnt want a kindle at very first, but when receiving 1 for christmas im utterly converted. It supply genuine advantages more than a book, and makes it such a whole lot additional convenient. i might undoubtedly advocate this item: 281070

  2. 542807 616350This design is steller! You most surely know how to maintain a reader entertained. Between your wit and your videos, I was almost moved to start my own weblog (nicely, almostHaHa!) Amazing job. I genuinely loved what you had to say, and far more than that, how you presented it. Too cool! 203799

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

اخر الأخبار :