فاطمة الزهراء بن الطالب للعثماني: هوة كبيرة بين التوجهات الملكية وتنزيلها السليم على أرض الواقع

2047 مشاهدة

فاطمة الزهراء بن الطالب للعثماني: هوة كبيرة بين التوجهات الملكية وتنزيلها السليم على أرض الواقع

السياسات الحكومية لمعالجة تحديات الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل تداعيات جائحة كورونا، كان محور مداخلة المستشارة البرلمانية فاطمة الزهراء بةن الطالب خلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة المنعقدة اليوم الثلاثاء 03 نونبر الجاري بمجلس المستشارين.

وقالت فاطمة الزهراء على أنه منذ بداية الأزمة، كانت هناك مجهودات كبيرة لاحتواء الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجائحة كورونا، والتخفيف من تداعياتها على المقاولة الوطنية وعلى الفئات الاجتماعية الأكثر تضررا. مشيرة إلى أن تلك المجهودات تأثرت بمبادرات تاريخية غير نسبوقة وكان لها وقع كبير وقوي على عدة مستويات.

وأكدت بن الطالب، على أن لا أحد يجادل في تفاعل الحكومة أو غيرها من المؤسسات بكل مخططاتها وإصلاحاتها التي تستهدف المصلحة العامة، إلا أن المتحدثة قالت على أنها سجلت وكغيرها من العديد من المغاربة ملاحظة أساسية تتعلق بحجم الهوة بين سقف التوجهات الملكية ومستوى التنزيل الفوري والسليم لهاته التوجهات على أرض الواقع. مؤكدة أن هناك نتائج ومبادرات لكن هناك حلقة مفقودة تحد من نجاعة هذا التنزيل، مشددة على ضرورة انكباب الجميع عليها في إطار الانسجام والتكامل بين الحكومة والبرلمان، لانجاح كل المبادرات وارجاع الثقة الغائبة في السياسة والسياسيين والأداء الحكومي.

وأضافت المتحدثة، أن الأزمة لا زالت مستمرة وكذا تداعياتها، مشيرة إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه، يتعلق بالمعايير المعتمدة لدعم القطاعات دون أخرى، وتشديد الإجراءات وإغلاق مدن دون أخرى، وحذف تلك الإجراءات في قطاعات دون اخرى، وما يترتب عن ذلك من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لدى المستثمرين والعاملين ولدى جميع المرتبطين بهذه القطاعات، مقدمة في هذا الباب، نموذج ساكنة العالم القروي وبعض الفئات التي تعيش من القطاع الفلاحي والصناعة التقليدية والقطاع السياحي وقطاع النقل والمطاعم ودور الضيافة ومموني الحفلات ومختلف التظاهرات الفنية والثقافية وفئات تشتغل في مهن وحرف حرة، حيث قالت فاطمة الزهراء على أنها فئات لا زالت تعاني وتعيش أوضاعا صعبة نتيجة الإجراءات المتخذة من أجل الحد من انتشار الوباء.

وفي نفس السياق، قالت بن الطالب على أن جل القطاعات تضررت بشكل متفاوت من الجائحة، ولكن العالم القروي يبقى أكثر تضررا، باعتبار ان الهشاشة والمعاناة كانت منتشرة في عدد من مناطقه قبل ظهور الجائحة، وذلك لعدة عوامل من بينها محدودية السياسات العمومية المعتمدة من أجل تحقيق العدالة المجالية وتحقيق التنمية البشرية والحد من الفوارق الاجتماعية بالمجال القروي، وهذا، حسب المتحدثة، يدفع ثمنه غاليا شباب هذا المجال، خاصة الفتاة القروية التي في معظم الأحيان تغادر مبكرا الدراسة، وبالتالي الزواج مبكرا والاشتغال في الحقول أو العمل بالبيوت، بشكل يخالف كل المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.

وفي هذا الصدد، طالبت المستشارة بضرورة اعطاء عناية كبيرة لمناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة القروية الذي يصادف يوم 15 أكتوبر من كل سنة، والذي مر هذا العام في صمت تام على غرار باقي السنوات الماضية، وبالتالي، شددت فاطمة الزهراء على ضرورة إقرار يوم للفتاة القروية من أجل إعادة الاعتبار إليها.

معاناة العالم القروي عديدة ومتعددة، حسب البرلمانية بن الطالب، التي رصدت في مداخلتها التقلبات المناخية وتأثيرها على القطاع الفلاحي، حيث قالت على أن الجفاف ظاهرة بنيوية تحتاج إلى حلول بنيوية، مشيرة إلى أهمها، حيث يتعلق الأمر بإنجاز السدود الصغرى والمتوسطة من أجل تعبئة وتثمين جل مياه الأمطار، وكذا الرفع من نسبة معالجة المياه العادمة، وإعادة استعمالها في البستنة والقطاع الفلاحي، كمصادر جديدة للمياه، مع توفير مياه الشرب، ومعالجة اشكالية الأنظمة العقارية للأراضي الفلاحية، باعطاء الفلاحين شواهد الاستغلال وتفويتها لمستغليها من أجل توفير العقار اللازم للاستثمار الفلاحي المؤمن الدخل والموفر لفرص الشغل. حيث أضافت المتحدثة، ان ذلك لن يتأتى دون توفر الإرادة الحقيقية للمؤسسات البنكية وانخراطها الفعلي لمواكبة الاستثمارات الفلاحية كمدخل للاقلاع الاقتصادي.

ومن جانب آخر، قالت فاطمة الزهراء، على أن هناك منجزات واحصائيات تعتز بها الحكومة، مشيرة إلى أنه لا مجال للتشكيك في مصداقيتها، إلا أن هناك حسب المتحدثة، تقارير مؤسسات دولية لم يذكر إلا الايجابي منها، وخاصة أمام الطموح الكبير للمواطنين وسقف انتظاراتهم الأكبر، التي لم ترقى السياسات الحكومية المعتمدة لبلوغ حده الأدنى.

وكانت بن الطالب، حسب مداخلتها، تنتظر من الحكومة أن تقدم استراتيجية متكاملة ومهيكلة تحدد مدخل الاقلاع الاقتصادي وآلياته ومراحله، وكذا استراتيجيات شمولية لاصلاح عميق ومعقلن للمؤسسات العمومية، وذلك انطلاقا من دراسات تقييمية لواقع هاته المؤسسات. مشيرة إلى أنها كانت تطلع إلى رؤية واضحة للبناء والاصلاح التي تتجاوز الزمن السياسي والانتخابي، وترتكز على المقومات العلمية للتخطيط الإستراتيجي، مضيفة أن الأزمة كانت حتمية منذ بداية الوباء، لكن الحكومة اختارت مواجهتها عن طريق بوابة القانون المالي ومن خلال جرعة من الإجراءات والتدابير باعتبارها آخر سنة من الولاية التشريعية الحالية.

واختتمت فاطمة الزهراء، مداخلتها بتمني اعتماد الحكومة لمقاربة صائبة، مشيرة إلى أن التحديات المطروحة أكبر وأعقد من أن تجد اجاباتها في قانون المالية من خلال الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة، حيث اعتبرتها المتحدثة أفقية ومتفرقة وتفتقر إلى رؤية شاملة ترتكز على أهداف مسطرة على المدى القريب والبعيد، خصوصا ان الأمر يتعلق ببناء مستقبل الولايات المقبلة بغض النظر عن الأغلبية المشكلة لحكوماتها.

اخر الأخبار :