رسائل من الشرق تشدو سلاما
1703 مشاهدة
لماذا يحتل الهم السياسي عنوان الصدارة في أذهاننا مصادفة ؟
وهكذا حتى تشدنا الصورة إلى المزيد من الفضول والتعاطف أحيانا والتحليل والتعليق أحيانا أخرى مع حدت صورة السياسي وما يكتبه المحللون، وهذا التعليق لا يتوقف بالعادة، بل يزداد بتزايد إمعان تصديقنا لأننا في طريقنا إلى أن نكون سياسيين بغرابة في البروتوكول وهالة من الجاذبية.
إلى هذا الحد حركتني صورة علا شأنها في وجداني إلى منطاد منفوخ بالحساسية والجمال والمشاعر الدافئة، صورة التحليق إلى مستويات عالية ، و وفقا لها ، أحاول جهدي التفريق بينها وبين صورة السياسي المهيمنة على المشهد البصري رغم كون هذا الأخير هو المشهد الأكثر تكرارا لما يخلفه من تأثير على كل المستويات دون استثناء.
لاحت في الأفق مؤخرا صورة افتتاح مونديال قطر 2022 لكرة القدم بعدما كثر الكلام و اللغط على هذا المشهد الرياضي العالمي، الصورة التي تجاوزت كل البديهيات واخترقت كل الحواجز والحدود إلى أن عانقت أسمى المعاني الإنسانية، وبدأت تظهر معه ملامح حرب قانونية وسياسية طاحنة بين الداعين والمناصرين لإقامتها بذات البلد العربي، والرافضين والمشوشين على الفكرة جملة وتفصيلا، بذرائع واهية ضاربين بذلك كل القواسم الإنسانية المشتركة عرض الحائط ، في رؤية دنيوية تقزيمية بل نافدة في اختراق سافر لأعراف وتقاليد البلد المضيف .
الأمر يتعلق إذن بمونديال قطر وما واكبه من هجوم طوال 12 عاما ، أي منذ انطلاق تنفيذ الحلم القطري باستضافة هذه التظاهرة العالمية . تنوعت الهجمات بتنوع أصحابها وأوكارهم ، وتعددت التقاريرالصحفية المغلوطة والمفخخة بتنوع أفكار أصحابها وإيديولوجياتهم المسمومة من مختلف العواصم الأوروبية . كان من ذلك اتهام قطر بالفساد الذي طال تقديم ملفها قبل أن تبرئها الفيفا ، ثم سوء تعاملها مع العمالة في إنشاء الملاعب إلى ملف حقوق الإنسان المتعددة ، مرورا إلى اتهام قطر بدعم الإسلام الراديكالي ،وادعاءات أخرى تحاول النيل من دولة قطر وتاريخها وثقافتها وقدرتها على التحدي .
والواقع أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير كما قلنا، ليغدوا بذلك صراع حضارات.وسعي الغرب برمته لفرض ذاته وثقافته على البلد المنظم وهيمنته الرهيبة وطغيانه على المنطقة ككل . فالصراع إذن تعدد واتخذ أوجه كثيرة ، فبموازاة مع صراع المنافسة الرياضية في الملاعب واكبه صراع حضاري ثقافي سياسي ، لكن يبقى الواقع هو المحك الصحيح لهذا الاختلاق كله ، فقد شهدنا وشهد العالم كله المنشآت الرياضية والتقنيات الحديثة لإدارتها وجاهزية البنية التحتية من فنادق وطرق و مواكبة أمنية هائلة وقوانين صارمة كابحة وجامحة لكل ما يتنافى مع قوانين وأعراف البلد المنظم والقوانين العامة، كذلك تغطية إعلامية كبيرة بأحدث تقنياتها . والعالم كله تتبع أيضا حفل الافتتاح البهيج وما حمله من رسائل حضارية وثقافية حافلة بالمعاني الإنسانية والعربية الإسلامية.وضمنها ثقافة التسامح دون أن يكون هناك فروقات بين الأديان و الأعراق والأجناس ، بعدما استهل بآيات قرآنية قال عنها أحد الصحفيين العرب : » إن الافتتاح لو لم يكن به شيء سوى تلاوة آيات قرآنية فإن ذلك يكفيه لما تحمله الآية من رسائل واضحة تعني الكثير » على حد تعبيره .
وعليه تبقى رسالة الحفل الإقتتاحي حكيمة إلى ابعد الحدود وتجاهلت النزاعات والصراعات وركزت على ضرورة تغيير الصورة النمطية السلبية عن العالم العربي التي تبناها الغرب منذ القدم و مررها عبر وسائله الخاصة والتي يمكن تصحيحها عن طريق الرياضة أو الحوار والتسامح والاحترام.