حتى لا تتكرر فاجعة أبواب مراكش

3041 مشاهدة

حتى لا تتكرر فاجعة أبواب مراكش

إهتزت مدينة مراكش صبيحة يومه 02 أبريل 2023 على واقعة خطيرة، حيث عمد شرطي تابع لولاية أمن مراكش إلى إطلاق أربع رصاصات من سلاحه الوظيفي في حق موظفين عموميبن كانوا في مهمة مراقبة مخالفة تعميرية منسوبة إلى الشرطي المذكور على مستوى المنطقة 20 بالضحى أبواب مراكش.

وأمام هذه الواقعة الغير مسبوقة بمراكش، نجد أنفسنا باعتبارنا أهل حق ملزمين بمناقشة حيثياث هذا الموضوع عبر طرح عدد من التساؤلات، ليس نصرة لهذا الشرطي ظالما أو مظلوما أو إشادة بفعله هذا، بل نصرة للحق كما يبدو بنظرة الأسوياء، وإن كان لا شيء يبرر فعلته.

وهنا نسائل القائد الذي قيل أنه كان مشرفا على هذا التدخل، هل هذا الشرطي هو الوحيد بتلك الإقامة السكنية الذي خرق قانون التعمير أم أن هذه الإقامة تعيش على وقع جملة من الخروقات التعميرية؟! هل قانون التعمير يسري فقط على رجل الأمن هذا ويستثني البعض ممن يجاورونه؟! أم أن هذا القانون يصبح نافذا وبعشرات العيون عندما ينظر لأمثال هذا الشرطي البسيط، لكنه يصبح أحولا وأعمى حينما ينظر إلى أمثال جارته « الكوافورة »؟!.

ثم أيها القائد، وبعد علمك أن هذه المخالفة قام بها موظف عمومي من حملة السلاح، ألم يكن الأصل هو ربط الاتصال برئيسك المباشر « رئيس المنطقة الحضرية » ليقوم هذا الأخير بربط الاتصال برئيس المنطقة الأمنية أو ولاية أمن مراكش والذين سيتصلون بدورهم بهذا الشرطي وحينها كن متأكدا أن هذا الأخير سيوقف عملية الشروع في هذه المخالفة التعميرية وسيرجع الوضعية لما كانت عليه بكل أريحية وبدون أي ضجيج.

ولنكن صرحاء فالأسئلة العريضة التي وجب طرحها هي على الشكل التالي، هل القائد كان حاضرا بمعية الضحايا أثناء مراقبة هذه المخالفة التعميرية بصفته ظابطا للشرطة القضائية المكلف بظبط المخالفات عن طريق المعاينة وتحرير المخالفة طبقا للمادة 24 من ق.م.ج التي تقتضي بأن يكون المحضر مكتوبا متضمنا لما عاينه ظ.ش.ق وساعة تحريره، مستوفيا لجميع الشروط الشكلية والموضوعية؟! أم أن مراقبة وتوقيف هذه المخالفة تمت من طرف عون سلطة مرفوقا بعناصر من القوات المساعدة؟!.

إن شهادة عاملا البناء والحدادة اللذان كان يشرعان في تشييد هذه المخالفة، وكاميرات المراقبة الخاصة المثبة في تلك الإقامة وجنباتها، والفيديوهات والصور التي وثقت بعضا من تفاصيل هذه الواقعة، وحدها هي الكفيلة بإظهار حقيقة حضور القائد من عدمه.

ولنفترض جدلا أن القائد كان حاضرا في هذا الوقت، فسيكون لا محالة أول ضحايا إطلاق النار من طرف هذا الشرطي، فالأصل أن يكون هو أقرب شخص لمكان المخالفة كونه هو المكلف قانونا بمعاينة هذه المخالفة، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فلا يجب أن ننسى أن مطلق هذه الرصاصات الأربع هو شرطي تلقى تدريبات مكثفة حول استخدام السلاح والتصويب ويتقن فن التصويب ولا دليل على ذلك سوى الأماكن المتشابهة التي أصيب فيها ضحايا هذا الحادث. إذن كيف نجى القائد من رصاصة سلاح هذا الشرطي « على ما أظن راه تيرا فيه بالسلاح ماشي زَفْ عليه بحجرة والتي قد تصيبه أو لا تصيبه »؟!.

إن بتوديع « شوقي » إلى السجن ينهار ركام من النزاهة والاستقلالية والكفاءة وقوة الضمير، فقد كان واحدا من ألذ أعداء الظلمة والفاسدين، لقد كان إنسانا بكل ما تحمله الكلمة من الدلالات، شبيها بما يروى عن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب الذي كان يتعقب المظالم لردها لأهلها، لقد كان رجلا مقداما اجتمعت فيه كل الأركان والسنن التي تشترط في رجل الأمن، وكل هذا يكفيه وساما تنعم به سيرته في الدنيا. لقد ودعنا هذا الشرطي إلى مصيره الدنيوي وهو يصيح فينا، أيها الشعب هناك المئات مثلي تعرضوا للحگرة، لا بل هناك الآلاف مثلي ممن قدر الله عليهم في يوم من الأيام أن يواجهوا من أوصاهم ملك البلاد بتطبيق الإنسانية قبل تطبيق القانون، لكن للاسف اختاروا تطبيق القانون فقط.

ولوالدة هذا الشرطي نقول، لك الله، فالخطب جلل، والمصيبة أعظم، والفاجعة أشق، ولا تظنين أن حق ولدك سيضيع هدرا، كوني على يقين أن كل مسؤول عن هذه الواقعة سواء من قريب أو بعيد لن ينجو من قصاص عادل يوم الفصل.

وللموظفين العموميين المصابين، نقول لكم، قدر الله وما شاء فعل، والعين تبكي دما عوض الدمع على ما أصابكم، لكن ليس لنا إلا أن ندعوا الله أن يعجل بشفائكم ويردكم لأهليكم سالمين معافين في بذنكم، وذنبكم على من كان سببا في هذه الواقعة التي راح ضحيتها هذا الشرطي الذي خسرته أسرته الصغيرة والكبيرة؛ ولأن شهادة الحق أمانة، فإني أناشدكم الله قول الحق ولا تخافوا في قوله لومة لائم، لعل بشهادتكم يخفف الحكم على أخوكم في الله « شوقي »؛ رأفة بأمه وأسرته الصغيرة، لا تكونوا قساة غلاظ على هذا الرجل « للي فيه يكفيه ».

ختاما، وحتى لا تتكرر فاجعة أبواب مراكش، فإن على السلطة المحلية أن تواكب تطور المملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان، وتتعامل مع حملة السلاح بطريقة ذكية محترمة تحافظ على كرامتهم حتى ولو خرق القانون، مراعاة لوضعهم الاعتباري بين جيرانهم.

اخر الأخبار :