جامعة القاضي عياض تسلط الضوء على الربط بين البيئة والسياسة في ندوة بمراكش
1777 مشاهدة
نظمت جامعة القاضي عياض ومختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات والكتاب العربي للقانون الدولي ومختبر البحوث في اقتصاد الطاقة والبيئة والموارد ومختبر العلوم الاجتماعية والتحولات المجتمعية الدورة الأولى للجامعة الربيعية حول قضايا البيئة والاستدامة المجتمعية في موضوع « المعضلة البيئية بين العلم والسياسة » يومي 19 و20 أبريل 2024 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش.
في الجلسة الافتتاحية رحب السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمشاركين والحضور، كما عبر عن سعادته بالربط بين مختلف الكليات ومكونات جامعة القاضي عياض مشيرا إلى أن ما يجمع هذه المكونات أكثر مما يفرقها، وأشار المتدخل إلى أن البيئة مجال خصب مشيدا بالمختبرات الثلاث الساهرة على تنظيم هذه التظاهرة العلمية وكذلك بالانفتاح بين الكليات التي تمثل مختلف التخصصات. وأشار المتدخل إلى أهمية موضوع الندوة والذي وصفه بالثابت المتحول والمثير للجدل، كما نوه بعملية اختيار موضوع الندوة خاصة لما يشهده المغرب في السنوات الاخيرة من مخاطر بيئية.
وفي كلمة لنائب عميد كلية الحقوق، رحب فيها بكل المشاركين والحضور كما شكر الجهات الساهرة على تنظيم هذا الحدث مشيرا أن موضوع الندوة جاء في سياق تحول المغرب إلى الاقتصاد الأخضر كما دعا المتدخل إلى التفكير في تنظيم تظاهرات من نفس القبيل مستقبلا.
وفي كلمة مقتضبة لممثلي المختبرات الثلاث (مختبر الدراسات الدستوري وتحليل الأزمات والسياسات، ومختبر البحوث في اقتصاد الطاقة والبيئة والموارد، ومختبر العلوم الاجتماعية والتحولات المجتمعية) فقد تم التأكيد على أهمية موضوع الندوة وراهنيته بالنظر إلى ما يطال البيئة من تلوث وإلى ما يثيره من إشكالات علمية وسياسية، وحرص المنظمين على نشر مجموع أعمال الندوة ضمن مؤلف جماعي.
في الجلسة العلمية الأولى من اليوم الأول للندوة، والتي ترأسها الاستاذ محمد الحمداوي، فقد تقدم الاستاذ جوني عاصي (جامعة النجاح الوطنية – فلسطين) بمداخلة تحت عنوان « الضرر البيئي الناتج عن القصف الإسرائيلي لغزة: جوانب قانونية » وتطرق فيها إلى معالم القصف الاسرائيلي لقطاع غزة والذي يتسم بالعشوائية والحجم الكبير والذي يهدف إلى قمع مقاومة الشعب الفلسطيني وذلك عن طريق اتخاذ أساليب استهداف تنحو إلى الاغتيالات الجماعية اعتمادا على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف. وفي الجزء الثاني من المداخلة ركز المتدخل على الإطار القانوني لقصف قطاع غزة وتأثيره البيئي وركز المتدخل على ثلاثة مفاهيم مهمة هي الإبادة البيئية والضرر البيئي والمسؤولية. وفي الأخير اشار إلى أن النقاش والجدل حول الضرر البيئي ليس بتلك الأهمية في قطاع غزة مشيرا إلى أن إسرائيل تسعى إلى إحداث ضرر طويل الأمد بغزة.
في المداخلة الثانية، التي تقدم بها الاستاذ الحسين شكراني بالاشتراك مع الأستاذ الراضي عزيز تحت عنوان « التغيرات المناخية: تأرجح خطاب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ( (IPCCبين العلم والسياسة »، حاول المتدخل الإجابة عن تساؤلات تتعلق بمدى تواجد توافق علمي وسياسي حول فكرة التغيرات المناخية وركز المتدخل على ثلاث مقاربات الأولى تتعلق بمناسبة الأمم المتحدة، والثانية مقاربة الدول الثانية، والثالثة مقاربة الدول الليبرالية. وتطرق المتدخل لمدى تركيز IPCC على فكرة المشترك الإنساني خاصة وأنها في الكثير من تقاريرها تعتمد على باحثين ذوي خلفية غربية. وفي الأخير تساءل المتدخلان حول كيفية تسويق نتائج التقارير الأممية حول تغير المناخ.
وتناولت المداخلة التي تقدم بها الأستاذ محمد جواد مالزي بشراكة مع Tereza Nemesckova بعنوان « Unveiling Moroccan Perspectives on the European Union-Morocco Green Deal: Assessing its Pothncial for a Green and Sustainable Future for Morocco » دراسة آليات الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في المجال الطاقي أو ما يسمى بالشراكة الخضراء. وقد ركزت الدراسة على منظور الفاعلين المغاربة لهاته الشراكة. وخلصت إلى نتائج أساسية أهمها وجود تضارب في الآراء بين مؤيد للشراكة باعتبارها ستمكن المغرب من تحقيق الأمن الطاقي مع مراعات أهداف التنمية المستدامة، ورافض لها لكونها وسيلة لفرض الهيمنة الأوربية على إفريقيا في محاولة لإزاحة روسيا من المنطقة وخدمة أهدافها الاقتصادية.
في الجلسة العلمية الثانية والتي ترأسها الاستاذ محمد لمساعدي، تقدمت خلالها الأستاذة عبير جودت حافظ عبد الحافظ (جامعة قطر) بمداخلة تحت عنوان « تمثلات التغير المناخي في رواية الديستوبيا، رواية أسطورة الظلام نموذجا » حاولت عبرها الوقوف على العلاقة بين تمثلات التغير المناخي في الرواية وتقاطعاتها مع الديستوبيا في البيئة السردية العربية بالتركيز على رواية الخيال العلمي.
وتقدم الأستاذ أبو القاسم الزياني بمداخلة معنونة ب « الإحصائيات البيئية: بين البناء المؤسساتي والعلمي واتخاذ القرار السياسي » تطرق خلالها لبداية ظهور إحصائيات المناخ وتشكل نماذج الرصد المناخي، ومن تم تطرق المتدخل إلى الأسباب المسببة للتغيرات المناخية مشيرا إلى أنه لم يتم الربط بين الإحصائيات الطاقية الأحفورية والتغيرات المناخية إلا عند نهاية الحرب الباردة على الرغم من أنه لم تكن هناك موثوقية كبيرة في تأكيد هذا الربط. وفي الأخير أشار إلى أن هذه الإحصائيات والنماذج مرتبطة دائما بسياق سياسي يؤثر عليها.
حاولت الأستاذة نادية قاصف في مداخلة مشتركة مع يوسف الكمري وفيصل أيت بوسلامة تحت عنوان « دور التكنولوجيا الحيوية في مواجهة التغيرات المناخية لاستدامة الأمن الغذائي والحفاظ على التنوع البيولوجي » تقديم تعريفات للأمن الغذائي والتكنولوجيا الحيوية كما أشارت المتدخلة لمجموعة من المخاطر المحتملة للتكنولوجيا الحيوية وفي نفس السياق بينت مدى حضور التقنية بالمغرب.
في اليوم الثاني تقدم الاستاذ محمد جليل (مهندس رصد جوي) بمداخلة تحت عنوان Integration de l’adaptation au changement climatique dans les politiques publiques: étude de cas du Maroc » أشار فيها إلى تعدد المخاطر المرتبطة بالمناخ وبالتالي أصبحت قضية المناخ مسألة بيئية ومالية واقتصادية واجتماعية، وتطرق المتدخل الى واقع علاقة التأثير والتأثر بين المغرب والتغيرات المناخية مؤكدا على ان المغرب يتأثر بالمناخ ولا يؤثر فيه بشكل عام، وأكد المتدخل على ضرورة أن يكون هناك نوع من الأخذ بعين الاعتبار المعطيات العلمية في صنع السياسات العمومية وأن يكون هناك تواصل بين العالم والسياسي خاصة في السياق المحلي.
في المداخلة الثانية والتي تقدم بها الاستاذ هشام ايت الطاهر بمداخلة عنونها ب « La sécurité de l’environnement au maroc et le questionnement des poligiques publiques » أشار فيها إلى أن الأمن البيئي جزءا لا يتجزأ من الأمن الإنساني الذي اعتمده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 1994، وحصر المتدخل الهدف من الدراسة في بيان مدى تلبية السياسات العمومية المعتمدة في المغرب للمتطلبات الدولية في مجال حماية البيئة.
وتقدم الاستاذ زين الدين الحبيب الستاتي بمداخلة تحت عنوان « الناشطية المدنية وإشكالية التغيرات المناخية في التجربة المغربية » حاول عبرها معالجة اشكالية ترتبط بأي حد يمكن أن تتأثر الناشطية المدنية على مكافحة التغيرات المناخية؟ مشيرا أنه يصعب القول بوجود حركات بيئية في المغرب.
و تقدم الاستاذ العربي بلا بشراكة مع الاستاذة سميرة ألحيان بمداخلة تحت عنوان « التغيرات المناخية والأمن الصحي في البلدان العربية » أشار ضمنها أن البلدان العربية مهددة بشكل كبير جراء التغيرات المناخية وما ينجم عنها من مخاطر خاصة من الجانب الصحي كتفاقم انتشار الأمراض المزمنة، وأكد المتدخل بأن التصدي لتغير المناخ وحماية الأمن الصحي، يفرض ضرورة إدماج البعد الصحي في خطط التكيف الوطني العامة وفي سياسات التخفيف من آثار تغير المناخ. وخلص المتدخلان إلى أنه وعلى الرغم من كل ما تم وما يتم اعتماده من سياسات لحماية الصحة من تغير المناخ، فما تزال هذه المسألة ثانوية بالنسبة لقطاع الصحة في المنطقة لا سيما في ظل الكلفة المالية التي تتطلبها العملية والتي تعجز معظم دول الإقليم ذات الاقتصادات الهشة على تحملها.
وتقدم الاستاذ زهير لعميم بمداخلة تحت عنوان « أزمة حوار الإيكولوجيا والإيديولوجيا بالمنطقة العربية » حاول من خلالها تحديد واقع الايكولوجيا العربية وإلى أي حد استطاعت تحقيق حوار بناء مدمج للبيئة ضمن السياسات العامة للدول والوعي المجتمعي، مشيرا إلى أن الدول العربية لم تستطع انتاج إيديولوجيا إيكولوجية لانعدام وضيق أفق الايكولوجيا السياسية التي تتجاذبها قوى متصارعة حول مصالح متعارضة فبحسب المتدخل غاب الحوار وظهرت الأزمة بين الإيكولوجيا والأيديولوجيا في المنطقة.
في مداخلة الاستاذ محمد العابدة تحت عنوان « التغيرات المناخية وتأثيرها على المصادر المائية: قراءات تحليل استشرافية (المغرب والأردن نموذجا) » تطرق المتدخل الى الخصائص البيئية التي تتميز بها دول المغرب والأردن كما تطرق للمصادر والموارد المائية بالبلدين.
في مداخلة الأستاذ عبد الواحد أولادمولود بشراكة مع محمد جواد مالزي تحت عنوان » Assessing the Distributional Effect of Negeria-Morocco Gas Pipeline on Green Transition in Morocco » تطرق فيها للفرص التي يتيحها مشروع انبوب الغاز نيجيريا/المغرب خاصة من حيث التوفيق بين تنمية التعاون جنوب-جنوب وشمال-جنوب وكذلك حاول المتدخل رصد مجموعة من التحديات التي تواجه نجاح هذا المشروع على غرار عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه الدول الأفريقية خصوصا تلك التي تعد معبر لهذا الأنبوب، وكذلك من حيث الجانب الأمني فالمنطقة تعيش تحت وطأة تنامي النزعات الإرهابية وبذلك تشكل تحديا لضمان استمرارية هذا المشروع.
وقد خلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات كما يلي:
- ضرورة توفير الدعم المالي الدولي الكافي لدعم قدرة البلدان العربية ذات الاقتصاديات الهشة للمشاركة في إجراءات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره لاسيما أن الكلفة باهظة الثمن، ويجب أن يكون هذا الدعم في شكل الأدوات والمنح الأكثر تساهلا كتلك التي تقدمها صناديق المناخ بدل القروض غير الميسرة التي ماتزال الشكل الأكثر شيوعا لتقديم الدعم.
- وضع نظام معلوماتي خاص بنشر كافة البحوث العلمية وعرضها على العموم من أجل تحقيق الشفافية بشكل مستدام.
- تعزيز التعاون والتشبيك مع جمعيات المجتمع المدني النشيطة في مجال التغيرات البيئية والمناخية، مع الحرص على إدراج هذه الشراكة في برنامج عمل محدد وواضح منتج لمؤشرات ملموسة وعملية.
- حفز الناشطية المدنية وتقوية أثرها في تعزيز التكيف والصمود حاضرا ومستقبلا، وذلك لن يتم دون إعادة النظر في الخيارات الاستراتيجية ذات الصلة بمنظومة التربية والتكوين بحكم أن مواجهة أي معضلة خارج البعد الثقافي والتربوي لن ينتج إلا تمثلات مشوهة عن الفعل المدني التطوعي.
- أجرأة العمل المناخي في بناء سياسات عمومية ناجعة وفعالة تتوخى الصمود أمام المخاطر المناخية. ويجب أن تتسم هذه السياسات بالالتقائية من أجل الوصول الى الهدف.
- مراعاة الترابط NEXUS بين الطاقة /البيئة والأمن الغذائي.
- ضرورة جسر الهوة بين البحث العلمي والقرار السياسي.
- ضرورة اعتماد مقاربة مجالية على المستوى المحلي من أجل تنزيل التدابير المناخية عوض المقاربة المركزية.
- العمل على تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية قصد تحقيق البعد الجيوستراتيجي المتوخى من المشروع أنبوب غاز نيجيريا-المغرب.
- يستوجب تطوير مقاربة شمولية حديثة سياسية علمية اجتماعية قيمية سلوكية اقتصادية زجرية….
- الرهان على البحث العلمي لما له من دور في إيجاد حلول ناجعة لاستدامة الموارد المائية.
- التأكيد على التقائية المداخل القانونية المؤسساتية والتخطيطية والتدبيرية والعلمية من شأنها الحفاظ على المصادر المائية بدولتي المغرب والأردن.
- خلق آليات مؤسساتية بين الإيكولوجي سواء بخلفيته الفكرية والعلمية أو المدنية مع الفاعل السياسي في إطار الالتقائية.
- السعي الى دمقرطة المعلومة البيئية وضمان شفافيتها.
- خلق الربط بين القيم الإيكولوجية والفعل السياسي والعامل الاجتماعي.