انتخابات أعضاء الغرف المهنية.. رهانات وتحديات
1775 مشاهدة
تحمل انتخابات أعضاء الغرف المهنية، التي ستشهدها المملكة في 6 غشت الجاري، بين طياتها رهانات وتحديات حقيقية ومتعددة تتمثل بالأساس في تعزيز دور هذه الغرف في مواكبة التنمية الاقتصادية ودعم الإنعاش المهني.
فالمحطة المقبلة لهذه الاستحقاقات، التي سيخوض غمارها ما مجموعه 12 ألفا و383 مرشحا، ستؤسس لمنظور جديد يجعل منها رافعة حقيقية للاستثمار وشريكا فعليا في خدمة الصالح العام في مجال التنمية الاقتصادية، باعتبارها مخاطبا رئيسيا لدى السلطات العمومية والمرافق الادارية والجماعات الترابية في القضايا المتعلقة بميادين التجارة والصناعة والخدمات.
وهكذا، فإن الرهانات والتحديات المطروحة تتمثل في تأهيلها، إضافة إلى الدور التمثيلي للقوى الاقتصادية والاجتماعية، للقيام بدورها الاقتصادي في تحفيز الاستثمار وإنتاج الثروة، وخلق فرص الشغل، والمساهمة في إنجاز مشاريع استثمارية على الصعيد الجهوي، وكذا لعب أدوار الوساطة المهنية والدعم والمساعدة اتجاه منتسبيها المهنيين.
وفي هذا الصدد، أكد الأكاديمي والمحلل السياسي، محمد بودن، أن انتخابات أعضاء الغرف المهنية هي محطة « مهمة » للتعريف بالدور الذي تضطلع به هذه الغرف وكذا بمساهمتها في القرار التنموي وتطوير الاقتصاد المحلي والجهوي والوطني.
وأوضح السيد بودن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن « تفعيل الصلاحيات والإمكانات التي أتاحها المشرع لهذه الغرف يتطلب انتخاب مجالس تضطلع بأدوار تنظيمية وتمثيلية تساهم في صناعة القرار التنموي وتحقيق الالتقائية مع مختلف الأطراف على المستويين الترابي والوطني ».
وبخصوص رهانات الاستحقاقات المتعلقة بالغرف المهنية، أبرز المحلل السياسي أن الرهان الأول ديمقراطي بالأساس؛ يتعلق بتطوير الخيار الديمقراطي كثابت دستوري على مستوى هذه الهيئات المهنية.
ثم هناك رهان تنموي -يضيف السيد بودن- يتعلق بالدور الذي تضطلع به هذه الغرف في تعزيز مناخ الأعمال وكل ما يتعلق بصلاحياتها المرتبطة بخلق وتسيير مؤسسات وخدمات ومشاريع ذات النفع المشترك.
وأردف المحلل السياسي أن الرهان الثالث تمثيلي؛ بحيث تنبثق عن هذه الانتخابات هيئة تختار ممثلي الغرف المهنية في مجلس المستشارين، فضلا عن تمثيل الغرف المهنية في مجالس الحكامة على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
أما عن السياق الذي تأتي فيه هذه الاستحقاقات، فقد سجل السيد بودن أنه « سياق حافل بالمستجدات والتحديات والفرص، لاسيما في أعقاب إطلاق صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطة لإنعاش الاقتصاد ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وكذا إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار، فضلا عن تداعيات جائحة (كوفيد-19) على الكثير من القطاعات والمهن ».
وخلص المحلل السياسي إلى أن انتخابات أعضاء الغرف المهنية هي محطة تحضيرية هامة قبيل إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية، لافتا إلى أن المؤشرات التي قد تتمخض عنها قد تكون لها قراءة سياسية، لكن رهاناتها تنموية وديمقراطية وتنظيمية وتمثيلية بالأساس.
من جهته، أكد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، عبد الحفيظ أدمينو، أن انتخابات أعضاء الغرف المهنية « محطة مهمة في تعزيز البناء المؤسساتي التمثيلي في المغرب »، موضحا أن هذه الغرف « تشكل إطارا تمثيليا يمكن من تنظيم وتأطير الأنشطة المهنية من حيث السهر على تمثيل المهنيين والدفاع عن مصالحهم ».
وأشار السيد أدمينو، في تصريح مماثل، إلى أن الغرف المهنية تشكل مخاطبا « مهما » للسلطات العمومية وكذا الحكومة من أجل تنزيل البرامج والسياسات العمومية ذات الصلة، مسجلا أن الطابع الاستشاري لهذه الغرف يمكن من إشراكها في إعداد وتنفيذ مختلف البرامج العمومية في شتى المجالات.
وأبرز أن أهمية الغرف المهنية تضاعفت في فترة الجائحة من خلال إشراكها في لجن اليقظة الاقتصادية على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، مما مكن من تجاوز العديد من المشاكل المرتبطة بالمهنيين سواء كانت شركات أو تعاونيات أو جمعيات.
وأضاف المحلل السياسي أن أهمية هذه الغرف تكمن أيضا في مشاركتها في تنزيل النموذج التنموي الجديد من خلال انخراطها في تنفيذ مختلف البرامج والاستراتيجيات ذات الصلة، مشيرا إلى أن المشرع عمل، من جهته، على تعزيز تمثيلية الغرف المهنية من خلال تحسين موقع المرأة داخلها من خلال ضمان حضورها في الهيئات المنتخبة.
وكان مجلس النواب قد صادق، في جلسة عمومية مؤخرا، بالإجماع على مشروع قانون رقم 11.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات وتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية الخاصة بالغرف المهنية.
وأكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، في هذا الإطار، أن المشروع تضمن تعديلا هاما يتعلق بضمان تمثيلية النساء في الغرف المهنية، عن طريق إقرار آلية تشريعية لتحقيق ذلك.
وفي هذا الصدد، يقترح المشروع بالنسبة للغرف الفلاحية، تخصيص عدد من المقاعد حصريا للنساء في كل غرفة فلاحية، حيث يحدد هذا العدد في مقعدين اثنين بالنسبة للغرف التي لا يزید عدد أعضائها على 30 عضو، مع زيادة مقعد واحد عن كل 10 أعضاء بالنسبة للغرف التي يتجاوز عدد أعضائها 30 عضوا، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد الأخرى التي تشتمل عليها الغرف المذكورة.
أما بالنسبة لغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري، فإن مشروع القانون، يتابع الوزير، يضع شرطا أساسيا يتمثل في عدم إمكانية تضمين كل لائحة من لوائح الترشيح المقدمة ثلاثة أسماء متتابعة لمترشحين من نفس الجنس، مع مراعاة الحالة أو الحالات التي قد يتعذر فيها وجود مترشحين من أحد الجنسين، حيث يمكن تقديم لوائح ترشيح دون التقيد بالشرط المذكور، وذلك تفاديا لوجود مقاعد أو دوائر انتخابية مهنية شاغرة.
وعلى إثر انتهاء الفترة المخصصة لإيداع الترشيحات برسم انتخابات أعضاء الغرف المهنية المقرر إجراؤها يوم الجمعة 6 غشت 2021، أفاد بلاغ لوزير الداخلية بأن عدد الترشيحات المقدمة بلغ ما مجموعه 12 ألفا و383 ترشيحا لملء 2230 مقعدا، أي بمعدل وطني يقارب ستة ترشيحات عن كل مقعد.
وأوضح بلاغ وزير الداخلية حول الترشيحات المودعة برسم انتخابات أعضاء الغرف المهنية، أن عدد الترشيحات المودعة برسم الغرف الفلاحية بلغ 2461 ترشيحا، أي بمعدل يقارب أربعة ترشيحات عن كل مقعد، في حين بلغ عدد الترشيحات برسم غرف التجارة والصناعة والخدمات خمسة آلاف و377 ترشيحا، أي بمعدل يزيد عن ستة ترشيحات عن كل مقعد.
أما بالنسبة لغرف الصناعة التقليدية، يضيف المصدر ذاته، فقد بلغ عدد الترشيحات 4.243 ترشيحا، أي بمعدل يقارب ثمانية ترشيحات عن كل مقعد، بينما سجلت غرف الصيد البحري 302 ترشيحا، أي بمعدل يقارب ثلاثة ترشيحات عن كل مقعد.
وفي ما يتعلق بالترشيحات المودعة من طرف النساء، فقد بلغت في المجموع 2.940 ترشيحا، منها 148 ترشيحا برسم الغرف الفلاحية، و1.513 ترشيحا برسم غرف التجارة والصناعة والخدمات، و1.231 ترشيحا برسم غرف الصناعة التقليدية و48 ترشيحا برسم غرف الصيد البحري.