النفاق السياسي والفساد الاداري « الجزء الاول »
2718 مشاهدة
النفاق في اللغة هو إظهار الإنسان غير ما يبطن. وسمي المنافق به لأنه يجعل لنفسه وجهين، فالنفاق حالة مرضية نفسية تنبئ عن خبث صاحبها. ..! الكلمة مستمدة من النفق أو الجحر الذى تحفره بعض الحيوانات، وتصنع له فتحتين. فالمنافق له وجهان، ظاهر وباطن، ويُسخِّر هذه الازدواجية عبر الغش والتدليس. ومن أخطر أنواع النفاق وأشدهاخطورة على المجتمعات والتي ساحاول ان أتطرق لها هو النفاق السياسي بكل أشكاله، اذ يعتبر نفاق الرأي العام والسعي إلى كسب ود المجتمع بمجاملته
ومداهنته على حساب الواقع ، وبالتالي على حساب مستقبل تطوره ونموه. ومن أساليب المنافقين السياسيين التستر خلف بعض الأعمال الإنسانية المشروعة والكلام المعسول لتحقيق غاياتهم الفاسدة ;ومصالحهم الشخصية ، على حساب القيم والاخلاق والمبادئ.
المؤسف ان ظاهرة النفاق اصبحت طبيعية في المغرب لدرجة ان مصطلح سياسي يقابله ” مخلوض او حرايمي او قوالبي” وذلك أمام طابور المنافقين الذي عادة ما يتنامى تعداده وتأثيره في المراحل الحاسمة، فهل فعلا كل من يمارس السياسة إنسان منافق….؟؟!
لقد ثبت أن ليس للسياسة ذنب في خلق سياسيين منافقين وليست السياسة هي من دفعتهم الى ذلك، بل هي غايتهم لتحقيق مصالحهم الشخصية او التستر عن فسادهم و التي استخدموا السياسة من اجل الوصول اليها، فكانوا سياسيين منافقين،لأن في اعتقادهم لكي تكون سياسيا ناجحا يجب ان تحترف الكذب والنفاق والتضليل.المنافقون السياسيون لا يختلفون عن المنافقين الدينيين الذين التحفوا عباءة الدين
وحملوا السبحة لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة، فهم مستعدون للقيام بكل شيءسواء كان شرعيا او غير شرعي طالما يرضي صاحب القرار، وهذا كله على حساب المخلصين والصادقين من أبناء الوطن. وهكذا نجد دائما ان القائد السياسي في الوطن المغربي محاطا بشلة من المقربين المنافقين والوصوليين الذين لايهمهم إلا مدحه وتبرير جبروته، اما الضحية فهم أبناء الشعب الشرفاء. كثيراً ما تتصف صفات الإنسان السياسي “بالحرباء” التي تغير لونها حسب موقعها و ما يترافق مع تغيير اللون طول اللسان .هذه الصفات جعلت من الحرباء رمزاً لوصف إنسان ما بالانتهازية و الخيانة و النفاق وتغيير المواقع والمواقف وغدر الأصدقاء. و في معرض حديثنا عن السياسيين و مواقفهم فإنهم صنفان صنف متقلب متغير يتلون مع الظروف الذين يطلون علينا بألوانهم الحزبية، بخطاباتهم الشعبوية وهم يعلمون أن كلامهم مجرد نفاق سياسي !! وعادةً ما يبكون بدموع التماسيح لطلب مصلحة أو الهروب من مأزق ، فلونهم يتغير في المواقف بحسب ما تقتضي المصلحة، وهناك صنف ثابت راسخ و ذو مواقف ثابتة.
في الانتخابات الحالية لم تخل الشعارات الانتخابية من النفاق
السياسي و سيطرة المال السياسي و بروز الشعارات الوطنية و الدينية والنزاعات القبلية .
ان ما يزيد من خطر النفاق والمنافقين الذين يمارسون النفاق وبالتالي الكذب السياسي هو عندما يقوم الكاتب او او المؤرخ او الصحافي بقلب الحقائق وتزويرها، وتضليل العامة، هنا تأتي الصدمة بالغة لأنها تكون ممن يجب أن يكونوا أمناء على الحقيقة ونقل الحقائق على اختلافها بكل شفافية
وموضوعية، فنرى ان من يشجع على منتجى النفاق فى وقتننا موزعون على بعض الكتاب، صحفيين ومذيعى تليفزيون وإذاعة وسياسيين وفنانين وكبار الموظفين وأصحاب أموال وأعمال ممن يرجون من نفاقهم نفعا أو يتقون به شرا، حيث يقومون «التطبيل» ويصنعون تلالا من المبالغات السياسية التى تؤدى إلى فقدان المصطلحات معناها الحقيقى، بفعل ابتذالها مثل «عهد الإنجازات المهمة» و«الرئاسة التاريخية» إلا أنها عبارات فارغة، تزيد من جعل الواقع أكثر قبحا وتقززا ،والمبالغات المصاحبة للنفاق تؤدى إلى عكس ما يريده المسؤول الممدوح، أو المتزلف إليه. فما يقوله المنافق التاريخى لعمدة او وزير اليوم، سبق أن قاله لسابقه الأمس، في سياسة “الله ينصر من أصبح”. وهكذا أضحى النفاق السياسي المشكل الأساسي والعضال الذي يتهدد ويشكل خطورة على الاستقرار في الحياةالسياسية بالمغرب، لدى العديد من النخب السياسية. فمن يساعد على هذا التراجع في الفكر السياسي المغربب؟ومن له منفعة في الدفع والنفخ في بالونات سياسية سرعان ما ستتفرقع بعد علوها في الهواء
تتمة…..