تتردد كثيرا جملة “المرجو الانتظار قليلا…”في مواقف الاضطرار لقضاء حاجة والاستفسار عن وضعية لا تحتاج من الوقت لأكثر من ثواني، فيطول وقت الانتظار دقائق طويلة تمتد ربما لأجزاء الساعة دون رجع الصدى.
يرهن المواطنين رجاءُ الانتظار حيثما ثُقِفوا في محطات القطار وعلى خطوط الهاتف وفي البنوك والمصارف وفي الإدارات وحيث المآرب الملحة للمرتفقين، وتظل لازمةُ الرجاءِ تتكررُ بفواصل من الرنات أو مصحوبة بموسيقى تستسلم لها الأذن حتى يغفو صاحبها قبل أن يتيقظ بانقطاع الخط أو بجواب آلي يطلب الاتصال مجددا.
يطول الانتظار في بلادنا أن يحضر القطار أو ينطلق “الكار”أو تجيبك إدارة ويستقبلك مسؤول أو تحصل على جواب لسؤال، كما يطول الانتظار عند طلب المراد وثيقة أو معلومة أو موعدا… ويأتي الملل مع نفاذ الصبر الذي لا حيلة له مع المجيب الآلي.
كان الانتظار في زحمة الناس على الأبواب مرحمة، ولكنه على خطوط الهاتف عزلة مقيتة وحبس انفرادي في زنزانة المجيب الآلي الذي أسر العباد في ظل الجائحة التي أحكمت طوق الاحتراز وفرضت حالة الطوارئ الصحية التي أغلقت المكاتب على قاطنيها وسدت الإدارات في وجه المرتفقين إلا من شاشات ضوئية يطلون من خلالها بالرسائل الالكترونية وطلبات المواعيد وبمكالمات التوسل والالتماس واتصال السؤال والاستفسار…
الإدارة الالكترونية شعار متقدم ومطلب ملح وضروري ولكنه في بلادنا أكذوبة، مجرد كلام غير قابل ان يكون ممارسة واقعية… صيغته جملة غاية في التأدب والاحترام أنْ رجاءً انتظروا قليلا…
انتظرنا قليلا ثم زدنا انتظرنا، وانتظرنا طويلا وكثيرا ولم يكن للانتظار رد أو جواب أو خبر أو جدوى سوى الإبقاء في الانتظار وها نحن في انتظار ألفنا وتعودنا… فلا تتكلفوا أيها المسؤولون المدراء العامون والرؤساء في شيء. أعفيناكم الاعتذار وأعفيناكم الرجاء وأعفيناكم كل شيء فاتركونا رجاءا ننتظر!!!
