الشواء المغربي وجبة شهية ليس مثل لذتها لذة صالحة حتى لمرضى الكولسترول
4205 مشاهدة
« الشواء » وجبة مغربية للمناسبات السعيدة تقدم في الأفراح والأعراس وولائم الطبقات الميسورة، وهو عبارة عن سقائط لحم الشياه (الضأن) المشوي في الأفران التقليدية بطريقة خاصة تجعل الشواء في أي مكان لا يضاهي الشواء المغربي لذة وجودة.
ويُحضَّر « الشواء » بشق سقيطة اللحم التي يولج في حشوها رمح هو عصا بسِنانَيْ سبابة ووسطى مثل الساعد والدراع في حركة اليد مبسوطة بإشارة النصر؛ ثم بربط السقيطة إلى العصا- الرمح وهي من مادة خشب « الطرفة » بحبل وشد الأطراف إلى أصبعيها.
يتم إنزال السقيطة في الفرن بعد قياس درجة حرارته بشعيرات جسم « الشواء » الذي يضع العصا ببطن الفرن التقليدي وسط إناء من الطين يدعى « الحلاب »، يتقطَّر فيه ماء السقيطة الثاوي بين جلودها وعادة ما يكون نتنا مشبعا بدسم شحم يساعد في استعار حرارة الفرن المصنوع بطريقة مخصوصة، هي التي تميز لذة « الشواء » المغربي بين المدن والمناطق المغربية بعضها عن بعض.
والفرن التقليدي يُبنى في جوف الأرض بعمق مترين ونصف، بالطين الصلب الجيد للتراب المحلي لكل منطقة في المغرب، يُعجن جيدا ويُخَمَّر وتفرش تحت أرضيته فرشة قوية من الملح ما تفتأ مع مرور الزمان وبفعل النار تتكلس وتصبح كبناء الطين ومثل الآجور البلدي (لبنات من الطين الصلب الأحمر المطهي) الذي يستعمل متراصا مصففا بشكل تعاقبي مخلوطا بالطين المخمر المعجون لبناء ظفيرة الفرن التقليدي للشواء المغربي.
ويبدو الفرن التقليدي كفوهة بركان أغلقت بإحكام بواسطة قصعة من طين، يُدَلَّى عليها مثل عنقود العنب مصباح مضيء يتتبع « الشواء » على ضوئه تطور مستويات الطهي في مراحلها الأخيرة.
ويقدم الشواء المغربي سقيطة خروف كاملة أو نصفها فاترة يتقطَّر كالشمع دسمُها في وجبة الطعام غداء أو عشاء فوق وريقات النعناع الأخضر الطري على صينية مناسبة من لُجَيْن خالص بيضاوية الشكل في حجم خروف
يتوفر عليها المطبخ المغربي بالضرورة؛ مصحوبا بكؤوس الشاي الأخضر المنعنع المنسم بعطور النبات البري.
وكان الشواء غذاء الأسر المغربية، منه قديما قليلا يأكلون أو كثيرا. وكان فطور الأسر رأس الخروف المشوي و « السفنج » (الفطائر) مع كؤوس الشاي الأخضر المنعنع، قبل أن يرتفع سعر اللحوم وتضيق سبل العيش في وجه سوادٍ يشتهي ولا يقدر وأقلية تشتهي وتشتري.
ويؤكد الحاج عمر بن قدور اللمتوني أشهر وأمهر »شواي » بالمغرب في تصريح لنا، أن من تذوق الشواء المغربي استغنى ببعضه عن كل الطعام لأنه شواء صالح حتى لمن ترتفع نسب الكولسترول في دمه ويتخوف من أكل لحم الخروف؛ محددا شرط أصالة الشواء المغربي ولذته أن يكون مطهيا طهيا جيدا لدى ذوي الصنعة والمراس.
والشواء المغربي فضلا عن كونه وجبة الولائم والأفراح والأعراس بامتياز، هو أيضا حرفة وصنعة متوارثة عبر قرون من جد لحفيد ومن والد إلى ولد، حاصرتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية وقوانين التعمير في المدن المغربية التي ضيقت على الأفران التقليدية للشواء المغربي ومنعت بناءها في المناطق الآهلة وفي الأسواق التجارية العصرية مخافة الحرائق، وبقي القليل منها القائم في الأسواق العتيقة بمدن فاس ومراكش ومكناس يعلن نفسه ك »ماركة مسجلة » لتاريخ عريق في حضارة المطبخ المغربي، يواجه الحداثة ومطاعم الوجبات السريعة بمحلات ضيقة كضيق الأرزاق ليس لها عنوان وإنما فقط تاريخها دليلها تقدم وجبات الشواء المغربي بثمن للكيلوغرام ضعف ثمن لحم الخروف عند القصاب، هي أفران وكذلك مطاعم شعبية تستقبل زبائنها بطاولات تَمَلَّستْ بدسم شحم الشياه المشوية، وتلبي رغباتهم بين من يريد قطعة شواء مشحما ومن يشتهيه أحمر حاف ومن يفضله اعتدالا بين لحم وشحم يكسوان عظاما.