الدباغون بمراكش: مأساة مهنية ومعاناة معيشية (فيديو)
2086 مشاهدة
حرفة الدباغة التي تعتبر من العلامات البارزة للصناعة التقليدية لمدينة مراكش، وأحد روافدها الهوياتية والثقافية وحتى الفنـية، بعد أن وقفت في وجه الزمن لقرون خلت، واستطاعت الاستمرار جيلا بعد آخر، ها هي تعيش اليوم أزمة مركبة تدفعها بخطوات حثيثة نحو الإقبار، هذه الأزمة تزيدها جائحة كورونا وتداعياتها عمقا وتضاعف مآسيها، ليبقى مصير الحرفة وروادها في مهب الريح.
في روبورتاج لموقع « مراكش7 » من دار الدباغ الكبيرة، عاينت كاميرا الموقع ملامح فقدان الشغف والحسرة على عيون الصناع التقليدين الصامدين إلى الآن، واستقت من تصريحاتهم حجم الخراب الذي يحوم حولهم وحول حرفتهم.
الاستغلال والفوضى والاحتكار
أصبح القطاع – حسب تصريحات متطابقة لعدد من الدباغين بمراكش – مستباحا للسماسرة والوسطاء بدعوى التجارة الحرة، الذين يقتاتون على كد الصناع التقليدين ويضربون بجهدهم عرض الحائط ويقابلونها بثمن بخس. وفي ذات الآن يعاني الصناع من احتكار اللوبيات للمواد الأولية التي يعتمدون عليها في عملهم، وفي مقدمتها مادة « ميموزا » التي تضاعف ثمنها بنسبة 400 بالمائة بسبب الاحتكار وغياب المراقبة.
غياب الضمانات الاجتماعية وتعدد المخاطر
يعش حرفيو الدباغة على وقع المخاطر اليومية التي تهدد سلامتهم، انطلاقا من ظروف العمل القاسية التي تتطلب منهم البقاء في الصهاريج أو ما يسمونها بـ »القصاري » منذ ساعات الفجر الأولى في البرد والقر، إلى روائح الجلود ومخلفاتها وما تتسبب فيه من أمراض جلدية وتنفسية، إلى مخاطر المواد الكيميائية التي تستعمل في الدباغة، دون إغفال حالة الصهاريج وما يمكن أن ينتج عنها من حوادث خطرة.كل هاته المخاطر يواجهها الحرفيون يوما عزلا، بلا تغطية صحية أو تعويض عن الأخطار أو ضمان اجتماعي.
جائحة كورونا تعمق الجرح الغائر
إذا كان لجائحة الفيروس التاجي تداعيات خانقة على قطاعات أخرى أكثر من حرفة الدباغة، فإن آثارها على هذه الصناعة السائرة نحو النهاية أدهى وأمر، بداية من الحلقة الأضعف في دار الدباغ وهو « الصناعي »، حيث اضطر « الصنايعية » إلى إنفاق كافة مدخراتهم واللجوء إلى الاقتراض بسبب توقف نشاطهم وغياب أي دعم أو مواكبة لوضعيتهم، وحتى المعلمين كان لهم نصيبهم من الأزمة، حيث كانت الجائحة سببا في إفلاس عدد منهم كما اضطر بعضهم إلى تحويل بوصلته المهنية نحو أنشطة أخرى لسد رمق أسرهم بل منهم من أعوزته قلة الحيلة وافترش الأرض متسولا صدقات المارة.
مريم غامر
عدسة السعيد المعين