البروفيسور عز الدين ابراهيمي يكتب، « شوية ديال » التواضع العلمي في مواجهة « أوميكرون » المقلق…

1777 مشاهدة

البروفيسور عز الدين ابراهيمي يكتب، « شوية ديال » التواضع العلمي في مواجهة « أوميكرون » المقلق…

أستغرب و بشدة و أنا أرى الكثيرين يجزمون بحقائق مطلقة حول سلالة أوميكرون… و الحقيقة أن العشرين شهرا من الجائحة علمتنا شيئن مهمين… الحذر و اليقظة… و الشيء الثاني… التواضع و أن الفيروس بتحوره يعلمنا أن العلم و البحث العلمي و توصيلته تتغير بالمعطيات الجديدة و المحينة… فشوية ديال التواضع العلمي مهم في هذه المرحلة لأننا نعرف بعض المعطيات حول السلالة و نجهل الكثير… نعم هناك الكثير من الأمور المجهولة و أظن أنه سيكون لدينا فكرة أفضل عن المخاطر الفعلية في غضون الأسبوعين المقبلين إن شاء الله… و كما أؤكد دائما… فنحن لسنا « تجار الخوف » و لا « بائعي الوهم »… نعم إنه « إنذار خطير » ومثير للقلق… و لكن سنحاول أن نتلمس و كما فعلنا دائما و منذ عشرين شهر… و بمقاربة علمية و بالأدلة و تحليل المعطيات و المنحنيات و البيانات… تجاوز هذه الظاهرة… ولذا فنحن بحاجة إلى الالتزام بالهدوء والقيام بتحليل الوضع علميا و بتجرد… فماذا نعرف عن هذه السلالة في عشرة أسئلة…
1- متى ظهرت السلالة أول مرة؟
تبين شجرة نشوء و تطور السلالات (أنظر المرفق) أن السلالة ظهرت منذ مدة. فهذه السلالات لا تنحدر من فيروسات « متحورة » تم تحديدها مسبقًا و أقرب ارتباط تطوري لها هو فيروسات مارس من سنة 2020.
2- أين ظهرت أول مرة؟
في تقديري الشخصي أن حديثنا في تحديد هويته و بالتزامن في جنوب إفريقيا و بوتسوانا و ملاوي ومصر(2 على ما يبدو الآن) يعني أنه كان متواجدا في بقاع متعددة من العالم و هو « يطير تحت الرادار » في بلدان ليست لها القدرة الكبيرة لتحديد التسلسل الجينومي و بوتيرة منتظمة تمكن من اكتشافه مثل جنوب أفريقيا والتي دقت ناقوس الخطر… فالحقيقة أن الدول الأوروبية اكتشفته فقط في المسافرين بعد تحذير جنوب إفريقيا ودول أخرى منه ، ربما يعني أن العديد من الحالات لم يتم اكتشافها حتى الآن…
3- هل ينفي ذلك ظهوره في جنوب إفريقيا؟
أبدا و قد تحدثنا كثيرا عن « كوفريكا »… السلالة التي ستنتجها إفريقيا في غياب عدالة تلقيحية دولية… ولاسيما في دول الجنوب الإفريقي المعروفة بوجود الكثيرين من « فاقدي المناعة » بسبب مرض السيدا و الذين يمكن أن يكونوا خزانا للسلالات لأن الفيروس يتعايش بداخلهم لشهور عدة و لاسيما إذا لم يلقحوا… التدوينة مع المرفقات
4- هل تنتشر هذه السلالة بسرعة؟
أرقام جنوب إفريقيا ترنو لذلك كما يتضح في المبيان… و لكننا نحتاج أولاً إلى معرفة مدى انتشاره… وتحديد مؤشر توالده… و ما هي قدرته في مواجهة و تعايشه مع دلتا… أسئلة تبقى معلقة إلى حين…
5- هل ستصل هذه السلالة إلى المغرب؟
بصراحة جارحة… بلدنا ليس استثناءا و الجائحة كونية… و بما أن المنحور الجديد تم تسجيل وصوله إلى أوروبا… فإذن الخطر جد قريب وجِدّ وارد… و إن لم نتخذ الإجراءات اللازمة فستصبح مسألة وصوله… فقط مسألة وقت… ولن تتعدى بضعة أيام أو بضعة أسابيع…
6- ماذا نعرف عن أوميكرون؟
يتميز هذا المتحور بالعدد الكبير من الطفرات و الذي يمكن أن يجعله أكثر قابلية للانتقال… يتوفر أوميكرون و إسمه العلمي « B.1.1.529 » على أكثر من 30 طفرة في جزء من الفيروس يسمى « بروتين سبايك »، وهو هيكل يستخدمه الفيروس التاجي لدخول الخلايا التي يهاجمها… و هذا العدد يوازي تقريبا ضعف الطفرات عند دلتا… و هذا العدد الكبير من الطفرات قد يجعل المتحور ينتشر بسرعة و يقلل من فعالية اللقاحات…
أمثلة على ذلك… الطفرة E484A التي تساعد الارتباط بمنطقة RBD… و طفرتي Q498R و S477N و اللتين تحسنان من الارتباط بالمستقبلات ACE2… كل هذا إضافة للطفرات الموجودة لدى السلالات الأخرى مثل طفرة N501Y – ألفا و بيتا و دلتا و H655Y – جاما و N679K – جاما و دلتا و T478K و P681H – ألفا و K417N بيتا و N440K B.1.628 و P681R دلتا… و الطفرات كثيرة….
7- هل هناك هروب مناعي للسلالة؟
لا يمكن الإجابة علميا و بدقة عن هذا السؤال لأن التجارب قيد الإنجاز… المحاكات التي أجريت لحد الأن تبين أن بعض المستضدات التي استعملت لتطوير اللقاحات الجديدة قد تضررت… ولكن أذكر أن لقاح سينوفارم الأكثر استعمالا في المغرب طور ضد أجزاء مختلفة من الفيروس و ليس فقط الشوكة البروتينية و أظن أنه سيحتفظ بنجاعته… و قد أثبتت كل اللقاحات لحد الأن نجاعتها ضد الكوفيد و ضد كل السلالات و بنجاعة تفوق السبعين و على أرض الواقع… و سننتظر النتائج التي ستصدر قريبا…
8- ماذا عن غير الملقحين؟
نعرف أن الكثير ممن طوروا هذه السلالة في جنوب إفريقيا لم يكونوا ملقحين و أن حامليها من مصر إلى بلجيكا في نفس الوضعية… و إذا كان بإمكاننا التنبؤ و التجريب علميا بالنسبة لمناعة الملقحين لأننا نعرف نوع اللقاح المستعمل و الكمية التي أعطيت و المؤشرات المناعاتية بدقة ووو… فعلميا فإننا لا يمكن أن نتكهن و لا ننجز أعمالا مختبرية بالنسبة لغير الملقحين… لأن لكل شخص غير ملقح مناعة مختلفة تملي استجابتهم لإصابة و تطوير المرض…
9- هل تسبب الإصابة بأوميكرون مرضا أفتك؟
لا ندري إن كان يتسبب في مرضً أشد و أفتك… يمكن أن يكون للملقحين أمل أكبر في التشافي و عدم تطوير الحالات الحرجة ما دام التلقيح يرفع من مستويات المناعة الخاصة و العامة… كل اللقاحات و في جميع البلدان و ضد جميع السلالات أثبتت نجاعتها بنسبة أكثر من 95 في المئة ضد الحالات الحرجة…
10- هل الشباب محميون منه؟
لا ندري…
و في الأخير و على ضوء كل هذا… ما العمل و ما يجب أن نفعله حتى لا نضيع كل مكتسباتنا و لا نساعد في اندلاع موجة وبائية على مستوى عالي من الخطورة… الجواب موجود و قد أكدنا عليه مرارا… الحل في التعاقد الاجتماعي الذي يجمع الدولة بالمواطنين… فعلى مدبري الأمر العمومي حماية حدودنا من خلال التقليل من خطر توافد المتحور و دعم و تكثيف المراقبة الجينومية و الوبائية و توفير جميع اللقاحات للمواطنين… و الذين من جانبهم العودة إلى الالتزام بالإجراءت الاحترازية الشخصية و التي ورغم تبخيس الكثيرين لها تبقى علميا ناجعة… و بالطبع التلقيح و الذي يمكننا أن لا نقتنع به و نشكك فيه و لكن يبقى على أرض الواقع ناجعا و فعالا كما يظهره المبيان و الذي يربط بين عدد الوفيات و نسبة الملقحين بأوروبا و بطريقة علمية واضحة… أما نحن فلن نهين و لن نستهين في التواصل معكم حتى نخرج إلى بر الأمان… أوفياء لمقاربتنا العلمية و بمعطياتها و دون شعبوية… لأنه ليس لدينا أي تضارب للمصلحة العامة و الخاصة… فنحن فقط متطوعون من أجل الوطن…
و حفظنا الله جميعا…

اخر الأخبار :